وفسره بالشهادة وما ذكر معها وفي حديث أبي موسى المذكور وانما الله الذي حملكم الرد على القدرية الذين يزعمون أنهم يخلقون أعمالهم (قوله إنا كل شئ خلقناه بقدر) كذا لهم ولعله سقط منه وقوله تعالى وقد تقدم الكلام على هذه الآية في باب قوله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي قال الكرماني التقدير خلقنا كل شئ بقدر فيستفاد منه ان يكون الله خالق كل شئ كما صرح به في الآية الأخرى وأما قوله خلقكم وما تعملون فهو ظاهر في اثبات نسبة العمل إلى العباد فقد يشكل على الأول والجواب ان العمل هنا غير الخلق وهو الكسب الذي يكون مسندا إلى العبد حيث أثبت له فيه صنعا ويسند إلى الله تعالى من حيث إن وجوده انما هو بتأثير قدرته وله جهتان جهة تنفي القدر وجهة تنفي الجبر فهو مسند إلى الله حقيقة والى العبد عادة وهي صفة يترتب عليها الأمر والنهي والفعل والترك فكل ما أسند من أفعال العباد إلى الله تعالى فهو بالنظر إلى تأثير القدرة ويقال له الخلق وما أسند إلى العبد انما يحصل بتقدير الله تعالى ويقال له الكسب وعليه يقع المدح والذم كما يذم المشوه الوجه ويمدح الجميل الصورة وأما الثواب والعقاب فهو علامة والعبد انما هو ملك الله تعالى يفعل فيه ما يشاء وقد تقدم تقرير هذا بأتم منه في باب قوله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وهذه طريقة سلكها في تأويل الآية ولم يتعرض لاعراب ما هل هي مصدرية أو موصولة وقد قال الطبري فيها وجهان فمن قال مصدرية قال المعنى والله خلقكم وخلق عملكم ومن قال موصولة قال خلقكم وخلق الذي تعملون أي تعملون منه الأصنام وهو الخشب والنحاس وغيرهما ثم أسند عن قتادة ما يرجح القول الثاني وهو قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون أي بأيديكم وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة أيضا قال تعبدون ما تنحتون أي من الأصنام والله خلقكم وما تعملون أي بأيديكم وتمسك المعتزلة بهذا التأويل قال السهيلي في نتائج الفكر له اتفق العقلاء على أن أفعال العباد لا تتعلق بالجواهر والأجسام فلا تقول عملت حبلا ولا صنعت جملا ولا شجرا فإذا كان كذلك فمن قال أعجبني ما عملت فمعناه الحدث فعلى هذا لا يصح في تأويل والله خلقكم وما تعملون الا أنها مصدرية وهو قول أهل السنة ولا يصح قول المعتزلة أنها موصولة فإنهم زعموا انها واقعة على الأصنام التي كانوا ينحتونها فقالوا التقدير خلقكم وخلق الأصنام وزعموا أن نظم الكلام يقتضي ما قالوه لتقدم قوله ما تنحتون لأنها واقعة على الحجارة المنحوتة فكذلك ما الثانية والتقدير عندهم أتعبدون حجارة تنحتونها والله خلقكم وخلق تلك الحجارة التي تعملونها هذه شبهتهم ولا يصح ذلك من جهة النحو إذا ما لا تكون مع الفعل الخاص الا مصدرية فعلى هذا فالآية ترد مذهبهم وتفسد قولهم والنظم على قول أهل السنة أبدع فان قيل قد تقول عملت الصحفة وصنعت الجفنة وكذا يصح عملت الصنم قلنا لا يتعلق ذلك الا بالصورة التي هي التأليف والتركيب وهي الفعل الذي هو الاحداث دون الجواهر بالاتفاق ولان الآية وردت في بيان استحقاق الخالق العبادة لانفراده بالخلق وإقامة الحجة على من يعبد ما لا يخلق وهم يخلقون فقال أتعبدون من لا يخلق وتدعون عبادة من خلقكم وخلق أعمالكم التي تعملون ولو كانوا كما زعموا لما قامت الحجة من نفس هذا الكلام لأنه لو جعلهم خالقين لاعمالهم وهو خالق للأجناس لشركهم معهم في الخلق تعالى الله عن إفكهم قال البيهقي في كتاب الاعتقاد قال الله تعالى ذلكم الله ربكم خالق كل شئ فدخل فيه
(٤٤٠)