فاتلوها) مراده بهذه الترجمة أن يبين أن المراد بالتلاوة القراءة وقد فسرت التلاوة بالعمل والعمل من فعل العامل وقال في كتاب خلق أفعال العباد ذكر صلى الله عليه وسلم أن بعضهم يزيد على بعض في القراءة وبعضهم ينقص فهم يتفاضلون في التلاوة بالكثرة والقلة وأما المتلو وهو القرآن فإنه ليس فيه زيادة ولا نقصان ويقال فلان حسن القراءة وردئ القراءة ولا يقال حسن القرآن ولا ردئ القرآن وانما يسند إلى العباد القراءة لا القرآن لان القرآن كلام الرب سبحانه وتعالى والقراءة فعل العبد ولا يخفى هذا الا على من لم يوفق ثم قال تقول قرأت بقراءة عاصم وقراءتك على قراءة عاصم ولو أن عاصما حلف أن لا يقرأ اليوم ثم قرأت أنت على قراءته لم يحنث هو قال وقال أحمد لا تعجبني قراءة حمزة قال البخاري ولا يقال لا يعجبني القرآن فظهر افتراقهما (قوله وقول النبي صلى الله عليه وسلم أعطي أهل التوراة التوراة الخ) وصله في آخر هذا الباب بلفظ أوتي في الموضعين وأوتيتم وقد مضى في اللفظ المعلق أعطي وأعطيتم في باب المشيئة والإرادة في أول كتاب التوحيد (قوله وقال أبو رزين) براء ثم زاي بوزن عظيم هو مسعود بن مالك الأسدي الكوفي من كبار التابعين (قوله يتلونه حق تلاوته يعملون به حق عمله) كذا لأبي ذر ولغيره يتلونه يتبعونه ويعملون به حق عمله وهذا وصله سفيان الثوري في تفسيره من رواية أبي حذيفة موسى ابن مسعود عنه عن منصور بن المعتمر عن أبي رزين في قوله تعالى يتلونه حق تلاوته قال يتبعونه حق اتباعه ويعملون به حق عمله قال ابن التين وافق أبا رزين عكرمة واستشهد بقوله تعالى والقمر إذا تلاها أي تبعها وقال الشاعر * قد جعلت دلوي تستتليني * وقال قتادة هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه (قوله يقال يتلى يقرأ) هو كلام أبي عبيدة في كتاب المجاز في قوله تعالى انا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم يقرأ عليهم وفي قوله تعالى وما كنت تتلو من قبله من كتاب ما كنت تقرأ كتابا قبل القرآن (قوله حسن التلاوة حسن القراءة للقرآن قال الراغب التلاوة الاتباع وهي تقع بالجسم تارة وتارة بالاقتداء في الحكم وتارة بالقراءة وتدبر المعنى والتلاوة في عرف الشرع تختص باتباع كتب الله تعالى المنزلة تارة بالقراءة وتارة بامتثال ما فيه من أمر ونهي وهي أعم من القراءة فكل قراءة تلاوة من غير عكس (قوله لا يمسه لا يجد طعمه ونفعه الا من آمن بالقرآن ولا يحمله بحقه الا الموقن) وفي رواية المستملي المؤمن (لقوله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) وحاصل هذا التفسير ان معنى لا يمس القرآن لا يجد طعمه ونفعه الا من آمن به وأيقن بأنه من عند الله فهو المطهر من الكفر ولا يحمله بحقه الا المطهر من الجهل والشك لا الغافل عنه الذي لا يعمل فيكون كالحمار الذي يحمل ما لا يدريه (قوله وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الاسلام والايمان والصلاة عملا) اما تسميته صلى الله عليه وسلم الاسلام عملا فاستنبطه المصنف من حديث سؤال جبريل عن الايمان والاسلام فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل حين سأله عن الايمان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ثم قال ما الاسلام قال تشهد ان لا إله إلا الله وأني رسول الله ثم ساقه من حديث ابن عمر عن عمر بلفظ فقال يا رسول الله ما الاسلام قال أن تسلم وجهك لله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت الحديث وساقه من حديث أنس بنحوه قال فسمى الايمان والاسلام والاحسان والصلاة بقراءتها وما فيها من حركات الركوع والسجود فعلا انتهى والحديث الأول
(٤٢٤)