أحد بعد الذين تعلم فوالله ما احتقرت من أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نجم النفر الذين طعنوا في عثمان فقالوا قولا لا يحسن مثله وقرأوا قراءة لا يحسن مثلها وصلوا صلاة لا يصلى مثلها فلما تدبرت الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ولا يستخفنك أحد وأخرجه ابن أبي حاتم من رواية يونس بن يزيد عن الزهري أخبرني عروة ان عائشة كانت تقول احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نجم القراء الذين طعنوا على عثمان فذكر نحوه وفيه فوالله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أعجبك حسن عمل امرئ منهم فقل اعملوا الخ والمراد بالقراء المذكورين الذين قاموا على عثمان وانكروا عليه أشياء اعتذر عن فعلها ثم كانوا مع علي ثم خرجوا بعد ذلك على علي وقد تقدمت أخبارهم مفصلة في كتاب الفتن ودل سياق القصة على أن المراد بالعمل ما أشارت إليه من القراءة والصلاة وغيرهما فسمت كل ذلك عملا وقولها في آخره ولا يستخفنك أحد بالخاء المعجمة المكسورة والفاء المفتوحة والنون الثقيلة للتأكيد قال ابن التين عن الداودي معناه لا تغتر بمدح أحد وحاسب نفسك والصواب ما قاله غيره أن المعنى لا يغرنك أحد بعمله فتظن به الخير الا ان رأيته واقفا عند حدود الشريعة (قوله قال معمر ذلك الكتاب هذا القرآن هدى للمتقين بيان ودلالة كقوله ذلكم حكم الله هذا حكم الله لا ريب فيه لا شك تلك آيات الله يعني هذه أعلام القرآن ومثله حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم يعني بكم) معمر هذا هو ابن المثنى اللغوي أبو عبيدة وهذا المنقول عنه ذكره في كتاب مجاز القرآن ووهم من قال إنه معمر بن راشد شيخ عبد الرزاق وقد اغتر مغلطاي بذلك فزعم أن عبد الرزاق أخرج ذلك في تفسيره عن معمر وليس ذلك في شئ من نسخ تفسير عبد الرزاق ولفظ أبي عبيدة ذلك الكتاب معناه هذا القرآن قال وقد تخاطب العرب الشاهد بمخاطبة الغائب وقد أنكر ثعلب هذه المقالة وقال استعمال أحد اللفظين موضع الآخر يقلب المعنى وانما المراد هذا القرآن هو ذلك الذي كانوا يستفتحون به عليكم وقال الكسائي لما كان القول والرسالة من السماء والكتاب والرسول في الأرض قيل ذلك يا محمد وقال الفراء هو كقولك للرجل وهو يحدثك وذلك والله الحق فهو في اللفظ بمنزلة الغائب وليس بغائب وانما المعنى ذلك الذي سمعت به واستشهد أبو عبيدة بقوله تعالى حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة فلما جاز أن يخبر بضميرين مختلفين ضمير المخاطب للحاضر وضمير الغيبة عن الغائب في قصة واحدة فكذلك يجوز ان يخبر عن ضمير القريب بضمير البعيد وهو صنيع مشهور في كلام العرب يسميه أصحاب المعاني الالتفات وقيل الحكمة في هذا هنا ان كل من خوطب يجوز ان يركب الفلك لكن لما كان في العادة ان لا يركبها الا الأقل وقع الخطاب أولا للجميع ثم عدل إلى الاخبار عن البعض الذين من شأنهم الركوب وقال أيضا لا ريب فيه لا شك فيه هدى للمتقين أي بيان للمتقين ومناسبة هذه الآية لما تقدم من جهة ان الهداية نوع من التبليغ وقال في تفسير سورة أخرى تلك آيات هذه آيات وقال في تفسير سورة أخرى الآيات الاعلام وهذا قد تقدم في تفسير سورة يونس التنبيه عليه وأما قوله ومثله حتى إذا كنتم فمراده انه نظير استعمال ذلك موضع هذا فلما ساغ استعمال ما هو للبعيد للقريب جاز استعمال ما هو للغائب للحاضر ولفظ مثله بكسر الميم وسكون المثلثة
(٤٢١)