فقال ابن التين أيضا هذا من الداودي عظيم لأنه يلزم منه أن يكون الله تعالى متكلما بكلام حادث فتحل فيه الحوادث تعالى الله عن ذلك وانما المراد بأنزل ان الانزال هو المحدث ليس أن الكلام القديم نزل الآن انتهى وهذا مراد البخاري وقد قال في كتاب خلق أفعال العباد قال أبو عبيد يعني القاسم بن سلام احتج هؤلاء الجهمية بآيات وليس فيما احتجوا به أشد بأسا من ثلاث آيات قوله وخلق كل شئ فقدره تقديرا وانما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث قالوا إن قلتم ان القرآن لا شئ كفرتم وان قلتم أن المسيح كلمة الله فقد أقررتم أنه خلق وان قلتم ليس بمحدث رددتم القرآن قال أبو عبيد اما قوله وخلق كل شئ فقد قال في آية أخرى انما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون فأخبر ان خلقه بقوله وأول خلقه هو من أول الشئ الذي قال وخلق كل شئ وقد أخبر انه خلقه بقوله فدل على أن كلامه قبل خلقه وأما المسيح فالمراد أن الله خلقه بكلمته لا انه هو الكلمة لقوله ألقاها إلى مريم ولم يقل ألقاه ويدل عليه قوله تعالى ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن واما الآية الثالثة فإنما حدث القرآن عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما علمه ما لم يعلم قال البخاري والقرآن كلام الله غير مخلوق ثم ساق الكلام على ذلك إلى أن قال سمعت عبيد الله ابن سعيد يقول سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان يقول ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة قال البخاري حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة فاما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بخلق قال وقال إسحاق بن إبراهيم يعني ابن راهويه فاما الأوعية فمن يشك في خلقها قال البخاري فالمداد والورق ونحوه خلق وأنت تكتب الله فالله في ذاته هو الخالق وخطك من فعلك وهو خلق لان كل شئ دون الله هو بصنعه ثم ساق حديث حذيفة رفعه ان الله يصنع كل صانع وصنعته وهو حديث صحيح (قوله وقال ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يحدث من أمره ما يشاء وان مما أحدث ان لا تكلموا في الصلاة) هذا طرف من حديث أخرجه أبو داود واللفظ له وأحمد والنسائي وصححه ابن حبان من طريق عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن عبد الله قال كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد على السلام فأخذني ما قدم وما حدث فلما قضى صلاته قال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وان الله قد أحدث ان لا تكلموا في الصلاة وفي رواية النسائي وان مما أحدث وأصل هذه القصة في الصحيحين من رواية علقمة عن ابن مسعود لكن قال فيها ان في الصلاة لشغلا وقد مضى في أواخر الصلاة وفي هجرة الحبشة وتقدم شرحه في الصلاة وليس فيه مقصود الباب ثم ذكر حديث ابن عباس موقوفا من وجهين (قوله كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم) هذه رواية عكرمة عنه ورواية عبيد الله بن عبد الله وهو ابن عتبة عنه يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ (قوله وعندكم كتاب الله أقرب الكتب عهدا بالله) هذه رواية عكرمة ورواية عبيد الله وكتابكم الذي أنزل الله عليكم أحدث الاخبار بالله أي أقربها نزولا إليكم وأخبارا من الله سبحانه وتعالى وقد جرى البخاري على عادته في الإشارة إلى اللفظ الذي يريده وايراده لفظا آخر غيره فإنه أورد أثر ابن عباس بلفظ أقرب وهو عنده في الموضع الآخر بلفظ
(٤١٦)