ينظر إليها ونور الشمس جزء من سبعين جزأ من نور الكرسي ونور الكرسي جزء من سبعين جزأ من نور العرش ونور العرش جزء من سبعين جزأ من نور الستر وإبراهيم فيه ضعف وقد أخرج عبد بن حميد عن عكرمة من وجه آخر إنكار الرؤية ويمكن الجمع بالحمل على غير أهل الجنة وأخرج بسند صحيح عن مجاهد ناظرة تنظر الثواب وعن أبي صالح نحوه وأورد الطبري الاختلاف فقال الأولى عندي بالصواب ما ذكرناه عن الحسن البصري وعكرمة وهو ثبوت الرؤية لموافقته الأحاديث الصحيحة وبالغ ابن عبد البر في رد الذي نقل عن مجاهد وقال هو شذوذ وقد تمسك به بعض المعتزلة وتمسكوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث سؤال جبريل عن الاسلام والايمان والاحسان وفيه أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال بعضهم فيه إشارة إلى انتفاء الرؤية وتعقب بأن المنفي فيه رؤيته في الدنيا لان العبادة خاصة بها فلو قال قائل ان فيه إشارة إلى جواز الرؤية في الآخرة لما أبعد وزعمت طائفة من المتكلمين كالسالمية من أهل البصرة ان في الخبر دليلا على أن الكفار يرون الله في القيامة من عموم اللقاء والخطاب وقال بعضهم يراه بعض دون بعض واحتجوا بحديث أبي سعيد حيث جاء فيه أن الكفار يتساقطون في النار إذا قيل لهم الا تردون ويبقى المؤمنون وفيهم المنافقون فيرونه لما ينصب الجسر ويتبعونه ويعطي كل انسان منهم نوره ثم يطفأ نور المنافقين وأجابوا عن قوله إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون انه بعد دخول الجنة وهو احتجاج مردود فان بعد هذه الآية ثم أنهم لصالوا الجحيم فدل على أن الحجب وقع قبل ذلك وأجاب بعضهم بأن الحجب يقع عند اطفاء النور ولا يلزم من كونه يتجلى للمؤمنين ومن معهم ممن أدخل نفسه فيهم ان تعمهم الرؤية لأنه أعلم بهم فينعم على المؤمنين برؤيته دون المنافقين كما يمنعهم من السجود والعلم عند الله تعالى قال البيهقي وجه الدليل من الآية أن لفظ ناضرة الأول بالضاد المعجمة الساقطة من النضرة بمعنى السرور ولفظ ناظرة بالظاء المعجمة المشالة يحتمل في كلام العرب أربعة أشياء نظر التفكر والاعتبار كقوله تعالى أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ونظر الانتظار كقوله تعالى ما ينظرون الا صيحة واحدة ونظر التعطف والرحمة كقوله تعالى لا ينظر الله إليهم ونظر الرؤية كقوله تعالى ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت والثلاثة الأول غير مرادة اما الأول فلان الآخرة ليست بدار استدلال وأما الثاني فلان في الانتظار تنغيصا وتكديرا والآية خرجت مخرج الامتنان والبشارة وأهل الجنة لا ينظرون شيئا لأنه مهما خطر لهم أتوا به وأما الثالث فلا يجوز لان المخلوق لا يتعطف على خالقه فلم يبق الا نظر الرؤية وانضم إلى ذلك أن النظر إذا ذكر مع الوجه انصرف إلى نظر العينين اللتين في الوجه ولأنه هو الذي يتعدى بالى قوله تعالى ينظرون إليك وإذا ثبت ان ناظرة هنا بمعنى رائية اندفع قول من زعم أن المعنى ناظرة إلى ثواب ربها لان الأصل عدم التقدير وأيد منطوق الآية في حق المؤمنين بمفهوم الآية الأخرى في حق الكافرين انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وقيدها بالقيامة في الآيتين إشارة إلى أن الرؤية تحصل للمؤمنين في الآخرة دون الدنيا انتهى ملخصا موضحا وقد أخرج أبو العباس السراج في تاريخه عن الحسن بن عبد العزيز الجروي وهو من شيوخ البخاري سمعت عمرو بن أبي سلمة سمعت يقول مالك بن أنس وقيل له يا أبا عبد الله قول الله تعالى إلى ربها ناظرة يقول قوم إلى ثوابه فقال كذبوا فأين هم عن قوله تعالى كلا انهم عن ربهم
(٣٥٥)