الترمذي حديث حسن غريب صحيح ووقع في مرسل مسروق عند الهروي مرفوعا نحو هذه الزيادة (قوله ثم يقول انا الملك) كررها علقمة في روايته وزاد فضيل في روايته قبلها ثم يهزهن (قوله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية علقمة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك ومثله في رواية جرير ولفظه ولقد رأيت (قوله حتى بدت نواجذه) جمع ناجذ بنون وجيم مكسورة ثم ذال معجمة وهو ما يظهر عند الضحك من الأسنان وقيل هي الأنياب وقيل الأضراس وقيل الدواخل من الأضراس التي في أقصى الحلق زاد شيبان بن عبد الرحمن تصديقا لقول الحبر وفي رواية فضيل المذكورة هنا تعجبا وتصديقا له وعند مسلم تعجبا مما قال الحبر تصديقا له وفي رواية جرير عنده وتصديقا له بزيادة واو وأخرجه ابن خزيمة من رواية إسرائيل عن منصور حتى بدت نواجذه تصديقا لقوله وقال ابن بطال لا يحمل ذكر الإصبع على الجارحة بل يحمل على أنه صفة من صفات الذات لا تكيف ولا تحدد وهذا ينسب للأشعري وعن ابن فورك يجوز ان يكون الإصبع خلقا يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الإصبع ويحتمل ان يراد به القدرة والسلطان كقول القائل ما فلان الا بين إصبعي إذا أراد الاخبار عن قدرته عليه وأيد ابن التين الأول بأنه قال على أصبع ولم يقل على أصبعيه قال ابن بطال وحاصل الخبر انه ذكر المخلوقات وأخبر عن قدرة الله على جميعها فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقا له وتعجبا من كونه يستعظم ذلك في قدرة الله تعالى وان ذلك ليس في جنب ما يقدر عليه بعظيم ولذلك قرأ قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره الآية أي ليس قدره في القدرة على ما يخلق على الحد الذي ينتهي إليه الوهم ويحيط به الحصر لأنه تعالى يقدر على امساك مخلوقاته على غير شئ كما هي اليوم قال تعالى ان الله يمسك السماوات والأرض ان تزولا وقال رفع السماوات بغير عمد ترونها وقال الخطابي لم يقع ذكر الإصبع في القرآن ولا في حديث مقطوع به وقد تقرر ان اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع بل هو توقيف أطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي فان اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين واما ضحكه صلى الله عليه وسلم من قول الحبر فيحتمل الرضا والانكار واما قول الراوي تصديقا له فظن منه وحسبان وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة وعلى تقدير صحتها فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل وبصفرته على الوجل ويكون الامر بخلاف ذلك فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن كثوران الدم والصفرة لثوران خلط من مرار وغيره وعلى تقدير ان يكون ذلك محفوظا فهو محمول على تأويل قوله تعالى والسماوات مطويات بيمينه أي قدرته على طيها وسهولة الامر عليه في جمعها بمنزلة من جمع شيئا في كفه واستقل بحمله من غير أن يجمع كفه عليه بل يقله ببعض أصابعه وقد جرى في أمثالهم فلان يقل كذا بأصبعه ويعمله بخنصره انتهى ملخصا وقد تعقب بعضهم إنكار ورود الأصابع لوروده في عدة أحاديث كالحديث الذي أخرجه مسلم ان قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن ولا يرد عليه لأنه انما نفى القطع وقال القرطبي في المفهم قوله إن الله يمسك إلى آخر الحديث هذا كله قول اليهودي وهم يعتقدون التجسيم وان الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة وضحك النبي صلى الله عليه وسلم انما هو للتعجب من جهل اليهودي ولهذا قرأ عند
(٣٣٦)