ذلك شيئا من الدنيا وانما نفى عنهم القبول المطلوب لا مطلق القبول وغضب حيث لم يهتموا بالسؤال عن حقائق كلمة التوحيد والمبدأ والمعاد ولم يعتنوا بضبطها ولم يسألوا عن موجباتها والموصلات إليها قال الطيبي لما لم يكن جل اهتمامهم الا بشأن الدنيا قالوا بشرتنا فاعطنا فمن ثم قال إذ لم يقبلها بنو تميم (قوله فدخل ناس من أهل اليمن) في رواية حفص ثم دخل عليه وفي رواية أبي عاصم فجاءه ناس من أهل اليمن (قوله قالوا قبلنا) زاد أبو عاصم وأبو نعيم يا رسول الله وكذا عند ابن حبان من رواية شيبان بن عبد الرحمن عن جامع (قوله جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الامر ما كان) هذه الرواية أتم الروايات الواقعة عند المصنف وحذف ذلك كله في بعضها أو بعضه ووقع في رواية أبي معاوية عن الأعمش عند الإسماعيلي قالوا قد بشرتنا فأخبرنا عن أول هذا الامر كيف كان ولم أعرف اسم قائل ذلك من أهل اليمن والمراد بالامر في قولهم هذا الامر تقدم بيانه في بدء الخلق (قوله كان الله ولم يكن شئ قبله) تقدم في بدء الخلق بلفظ ولم يكن شئ غيره وفي رواية أبي معاوية كان الله قبل كل شئ وهو بمعنى كان الله ولا شئ معه وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه على التي في بدء الخلق لا العكس والجمع يقدم على الترجيح بالاتفاق قال الطيبي قوله ولم يكن شئ قبله حال وفي المذهب الكوفي خبر والمعنى يساعده إذ التقدير كان الله منفردا وقد جوز الأخفش دخول الواو في خبر كان وأخواتها نحو كان زيد وأبوه قائم على جعل الجملة خبرا مع الواو تشبيها للخبر بالحال ومال التوربشتي إلى أنهما جملتان مستقلتان وقد تقدم تقريره في بدء الخلق وقال الطيبي لفظة كان في الموضعين بحسب حال مدخولها فالمراد بالأول الأزلية والقدم وبالثاني الحدوث بعد العدم ثم قال فالحاصل ان عطف قوله وكان عرشه على الماء على قوله كان الله من باب الاخبار عن حصول الجملتين في الوجود وتفويض الترتيب إلى الذهن قالوا وفيه بمنزلة ثم وقال الكرماني قوله وكان عرشه على الماء معطوف على قوله كان الله ولا يلزم منه المعية إذ اللازم من الواو العاطفة الاجتماع في أصل الثبوت وإن كان هناك تقديم وتأخير قال غيره ومن ثم جاء قوله ولم يكن شئ غيره لنفي توهم المعية قال الراغب كان عبارة عما مضى من الزمان لكنها في كثير من وصف الله تعالى تنبئ عن معنى الأزلية كقوله تعالى وكان الله بكل شئ عليما قال وما استعمل منه في وصف شئ متعلقا بوصف له هو موجود فيه فللتنبيه على أن ذلك الوصف لازم له أو قليل الانفكاك عنه كقوله تعالى وكان الشيطان لربه كفورا وقوله وكان الانسان كفورا وإذا استعمل في الزمن الماضي جاز ان يكون المستعمل على حاله وجاز ان يكون قد تغير نحو كان فلان كذا ثم صار كذا واستدل به على أن العالم حادث لان قوله ولم يكن شئ غيره ظاهر في ذلك فان كل شئ سوى الله وجد بعد أن لم يكن موجودا (قوله أدرك ناقتك فقد ذهبت) في رواية أبي معاوية انحلت ناقتك من عقالها وزاد في آخر الحديث فلا أدري ما كان بعد ذلك أي مما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم تكملة لذلك الحديث (قلت) ولم أقف في شئ من المسانيد عن أحد من الصحابة على نظير هذه القصة التي ذكرها عمران ولو وجد ذلك لأمكن ان يعرف منه ما أشار إليه عمران ويحتمل ان يكون اتفق ان الحديث انتهى عند قيامه (قوله وأيم الله) تقدم شرحها في كتاب
(٣٤٦)