العرش استوى كما وصف به نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك الا صاحب بدعة أخرجوه ومن طريق يحيى بن يحيى عن مالك نحو المنقول عن أم سلمة لكن قال فيه والاقرار به واجب والسؤال عنه بدعة وأخرج البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال كان سفيان الثوري وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحددون ولا يشبهون ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف قال أبو داود وهو قولنا قال البيهقي وعلى هذا مضى أكابرنا وأسند اللالكائي عن محمد بن الحسن الشيباني قال اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الايمان بالقرآن وبالأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب من غير تشبيه ولا تفسير فمن فسر شيئا منها وقال بقول جهم فقد خرج عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفارق الجماعة لأنه وصف الرب بصفة لا شئ ومن طريق الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي ومالكا والثوري والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفة فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيف وأخرج بن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الاعلى سمعت الشافعي يقول لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر واما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأنه علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية والفكر فنثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه فقال ليس كمثله شئ وأسند البيهقي بسند صحيح عن أحمد بن أبي الحواري عن سفيان بن عيينة قال كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه ومن طريق أبي بكر الضبعي قال مذهب أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى قال بلا كيف والآثار فيه عن السلف كثيرة وهذه طريقة الشافعي وأحمد بن حنبل وقال الترمذي في الجامع عقب حديث أبي هريرة في النزول وهو على العرش كما وصف به نفسه في كتابه كذا قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات وقال في باب فضل الصدقة قد ثبتت هذه الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال كيف كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك انهم أمروها بلا كيف وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فانكروها وقالوا هذا تشبيه وقال إسحاق بن راهويه انما يكون التشبيه لو قيل يد كيد وسمع كسمع وقال في تفسير المائدة قال الأئمة نؤمن بهذه الأحاديث من غير تفسير منهم الثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك وقال ابن عبد البر أهل السنة مجمعون على الاقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ولم يكيفوا شيئا منها واما الجهمية والمعتزلة والخوارج فقالوا من أقر بها فهو مشبه فسماهم من أقر بها معطلة وقال امام الحرمين في الرسالة النظامية اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر فرأى بعضهم تأويلها والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل واجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الله تعالى الذي نرتضيه رأيا وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة فلو كان تأويل هذه الظواهر احتمالا وشك ان يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة وإذ انصرم عصر الصحابة والتابعين على الاضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المتبع انتهى وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث وهم فقهاء الأمصار كالثوري والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم وكذا من أخذ عنهم من الأئمة فكيف لا يوثق بما اتفق عليه أهل القرون الثلاثة
(٣٤٣)