بشكوال اسم هذا الغلام محمد واحتج بما أخرجه مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى تقوم الساعة وغلام من الأنصار يقال له محمد الحديث قال وقيل اسمه سعد ثم أخرج من طريق الحسن عن أنس أن رجلا سأل عن الساعة فذكر حديثا قال فنظر إلى غلام من دوس يقال له سعد وهذا أخرجه البارودي في الصحابة وسنده حسن وأخرجه أيضا من طريق أبي قلابة عن أنس نحوه وأخرجه ابن منده من طريق قيس بن وهب عن أنس وقال فيه مر سعد الدوسي قال ورواه قرة بن خالد عن الحسن فقال فيه فقال لشاب من دوس يقال له ابن سعد (قلت) وقد وقع عند مسلم في رواية معبد بن هلال عن أنس ثم نظر إلى غلام من أزد شنوءة فيحتمل التعدد أو كان اسم الغلام سعدا ويدعى محمدا أو بالعكس ودوس من أزد شنوءة فيحتمل أن يكون حالف الأنصار (قوله فقال إن أخر هذا فلم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة) في رواية الكشميهني فلن وكذا لمسلم وهي أولى وفي رواية حماد بن سلمة أن يعش هذا الغلام فعسى أن لا يدركه الهرم وفي رواية معبد بن هلال لان عمر هذا لم يدركه الهرم كذا في الطرق كلها بإسناد الادراك للهرم ولو أسند للغلام لكان سائغا ولكن أشير بالأول إلى أن الاجل كالقاصد للشخص (قوله حتى تقوم الساعة) وقع في رواية الباوردي التي أشرت إليها بدل قوله حتى تقوم الساعة لا يبقى منكم عين تطرف وبهذا يتضح المراد وله في أخرى ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي تقدم بيانه في العلم أنه قال لأصحابه في آخر عمره أرأيتكم ليلتكم هذه فان على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد وكان جماعة من أهل ذلك العصر يظنون أن المراد ان الدنيا تنقضي بعد مائة سنة فلذلك قال الصحابي فوهل الناس فيما يتحدثون من مائة سنة وانما أراد صلى الله عليه وسلم بذلك انخرام قرنه أشار إلى ذلك عياض مختصرا (قلت) ووقع في الخارج كذلك فلم يبق ممن كان موجودا عند مقالته تلك عند استكمال مائة سنة من سنة موته أحد وكان آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم موتا أبو الطفيل عامر بن وائلة كما ثبت في صحيح مسلم وقال الإسماعيلي بعد أن قرر أن المراد بالساعة ساعة الذين كانوا حاضرين عند النبي صلى الله عليه وسلم وأن المراد موتهم وأنه أطلق على يوم موتهم اسم الساعة لافضائه بهم إلى أمور الآخرة ويؤيد ذلك أن الله استأثر بعلم وقت قيام الساعة العظمى كما دلت عليه الآيات والأحاديث الكثيرة قال ويحتمل أن يكون المراد بقوله حتى تقوم الساعة المبالغة في تقريب قيام الساعة لا التحديد كما قال في الحديث الآخر بعثت انا والساعة كهاتين ولم يرد أنها تقوم عند بلوغ المذكور الهرم قال وهذا عمل شائع للعرب يستعمل للمبالغة عند تفخيم الامر وعند تحقيره وعند تقريب الشئ وعند تبعيده فيكون حاصل المعنى أن الساعة تقوم قريبا جدا وبهذا الاحتمال الثاني جزم بعض شراح المصابيح واستبعده بعض شراح المشارق وقال الداودي المحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك للذين خاطبهم بقوله تأتيكم ساعتكم يعني بذلك موتهم لانهم كانوا أعرابا فخشي أن يقول لهم لا أدري متى الساعة فيرتابوا فكلمهم بالمعاريض وكأنه أشار إلى حديث عائشة الذي أخرجه مسلم كان الاعراب إذا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة متى الساعة فينظر إلى أحدث إنسان منهم سنا فيقول أن يعش هذا حتى يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم قال عياض وتبعه القرطبي هذه
(٤٥٩)