الشمس أو القيظ الشديد ونحو ذلك ومرضية وهي ثلاثة أنواع وتكون عن مادة ثم منها ما يسخن جميع البدن فإن كان مبدأ تعلقها بالروح فهي حمى يوم لأنها تقع غالبا في يوم ونهايتها إلى ثلاث وإن كان تعلقها بالأعضاء الأصلية فهي حمى دق وهي أخطرها وأن كان تعلقها بالأخلاط سميت عفنية وهي بعدد الاخلاط الأربعة وتحت هذه الأنواع المذكورة أصناف كثيرة بسبب الافراد والتركيب وإذا تقرر هذا فيجوز أن يكون المراد النوع الأول فإنها تسكن بالانغماس في الماء البارد وشرب الماء المبرد بالثلج وبغيره ولا يحتاج صاحبها إلى علاج آخر وقد قال جالينوس في كتاب حيلة البرء لو أن شابا حسن اللحم خصب البدن ليس في أحشائه ورم استحم بماء بارد أو سبح فيه وقت القيظ عند منتهى الحمى لا ينتفع بذلك وقال أبو بكر الرازي إذا كانت القوي قوية والحمى حادة والنضج بين ولا ورم في الجوف ولا فتق فإن الماء البارد ينفع شربه فإن كان العليل خصب البدن والزمان حارا وكان معتادا باستعمال الماء البارد اغتسالا فليؤذن له فيه وقد نزل ابن القيم حديث ثوبان على هذه القيود فقال هذه الصفة تنفع في فصل الصيف في البلاد الحارة في الحمى العرضية أو الغب الخالصة التي لا ورم معها ولا شئ من الاعراض الردئية والمراد الفاسدة فيطفئها بإذن الله فإن الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون لبعده عن ملاقاة الشمس ووفور القوى في ذلك الوقت لكونه عقب النوم والسكون وبرد الهواء قال والأيام التي أشار إليها هي التي يقع فيها بحرارة الأمراض الحادة غالبا ولا سيما في البلاد الحارة والله أعلم قالوا وقد تكرر في الحديث استعماله صلى الله عليه وسلم الماء البارد في علته كما قال صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أو كيتهن وقد تقدم شرحه وقال سمرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حم دعا بقربة من ماء فأفرغها على قرنه فاغتسل أخرجه البزار وصححه الحاكم ولكن في سنده راو ضعيف وقال أنس إذا حم أحدكم فليشن عليه من الماء البارد من السحر ثلاث ليال أخرجه الطحاوي وأبو نعيم في الطب والطبراني في الأوسط وصححه الحاكم وسنده قوي وله شاهد من حديث أم خالد بنت سعيد أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الطب من طريقه وقال عبد الرحمن بن المرقع رفعه الحمى رائد الموت وهي سجن الله في الأرض فبردوا لها الماء في الشنان وصبوه عليكم فيما بين الاذنين المغرب والعشاء قال ففعلوا فذهب عنهم أخرجه الطبراني وهذه الأحاديث كلها ترد التأويل الذي نقله الخطابي عن ابن الأنباري أنه قال المراد بقوله فأبردوها الصدقة به قال ابن القيم أظن الذي حمل قائل هذا أنه أشكل عليه استعمال الماء في الحمى فعدل إلى هذا وله وجه حسن لان الجزاء من جنس العمل فكأنه لما أخمد لهيب العطشان بالماء أخمد الله لهيب الحمى عنه ولكن هذا يؤخذ من فقه الحديث وإشارته وأما المراد به بالأصل فهو استعماله في البدن حقيقة كما تقدم والله أعلم (قوله قال نافع وكان عبد الله) أي ابن عمر (يقول اكشف عنا الرجز) أي العذاب وهذا موصول بالسند الذي قبله وكأن ابن عمر فهم من كون أصل الحمى من جهنم أن من أصابته عذب بها وهذا التعذيب يختلف باختلاف محله فيكون للمؤمن تكفيرا لذنوبه وزيادة في أجوره كما سبق وللكافر عقوبة وانتقاما وإنما طلب ابن عمر كشفه مع ما فيه من الثواب لمشروعية طلب العافية من الله سبحانه إذ هو قادر على أن يكفر سيئات عبده ويعظم ثوابه من غير أن يصيبه شئ يشق عليه والله أعلم * الحديث الثاني (قوله عن هشام) هو ابن عروة بن الزبير
(١٤٩)