روح تغنى عن هذا الاحتمال (قوله فأمر بلال) هكذا في معظم الروايات على البناء للمفعول وقد اختلف أهل الحديث وأهل الأصول في اقتضاء هذه الصيغة للرفع والمختار عند محققي الطائفتين أنها تقتضيه لأن الظاهر أن المراد بالأمر من له الأمر الشرعي الذي يلزم أتباعه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤيد ذلك هنا من حيث المعنى أن التقرير في العبادة إنما يؤخذ عن توقيف فيقوى جانب الرفع جدا وقد وقع في رواية روح بن عطاء المذكورة فأمر بلالا بالنصب وفاعل أمر هو النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين في سياقه وأصرح من ذلك رواية النسائي وغيره عن قتيبة عن عبد الوهاب بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا قال الحاكم صرح برفعه إمام الحديث بلا مدافعة قتيبة (قلت) ولم ينفرد به فقد أخرجه أبو عوانة من طريق مروان المروزي عن قتيبة ويحي بن معين كلاهما عن عبد الوهاب وطريق يحيى عند الدارقطني أيضا ولم ينفرد به عبد الوهاب وقد رواه البلاذري من طريق بن شهاب الحناط عن أبي قلابة وقضية وقوع ذلك عقب المشاورة في أمر النداء إلى الصلاة ظاهر في أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم لا غيره كما استدل به ابن المنذر وابن حبان واستدل بورود الأمر به من قال بوجوب الأذان وتعقب بأن الأمر إنما ورد بصفة الأذان لا بنفسه وأجيب بأنه إذا ثبت الأمر بالصفة لزم أن يكون الأصل مأمورا به قال ابن دقيق العيد وممن قال بوجوبه مطلقا الأوزاعي وداود وابن المنذر وهو ظاهر قول مالك في الموطأ وحكى عن محمد بن الحسن وقيل واجب في الجمعة فقط وقيل فرض كفاية والجمهور على أنه من السنن المؤكدة وقد تقدم ذكر منشأ الخلاف في ذلك وأخطأ من استدل على عدم وجوبه بالإجماع لما ذكرناه والله أعلم (قوله أن بن عمر كان يقول) في رواية مسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال (قوله حين قدموا المدنية) أي من مكة في الهجرة (قوله فيتحينون) بحاء الركعة بعدها مثناة تحتانية ثم نون أي يقدرون أحيانها ليأتوا إليها والحين الوقت والزمان (قوله ليس ينادي لها) بفتح الدال على البناء للمفعول قال بن مالك فيه جواز استعمال ليس حرفا لا اسم لها ولا خبر وقد أشار إليه سيبويه ويحتمل أن يكون اسمها ضمير الشأن والجملة بعدها خبر قلت ورواية مسلم تؤيد ذلك فإن يسير ليس ينادي بها أحد (قوله فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا) لم يقع لي تعين المتكلمين في ذلك واختصر الجواب في هذه الرواية ووقع لابن ماجة من وجه آخر عبن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس لما يجمعهم إلى الصلاة فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود ثم ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى وقد تقدمت رواية روح بن عطاء نحوه وفي الباب عن عبد الله بن زيد عند أبي الشيخ وعند أبي عمير بن أنس عن عمومته عن سعيد بن منصور (قوله بل بوقا) أي بل اتخذوا بوقا ووقع في بعض النسخ بل قرنا وهي رواية مسلم والنسائي والبوق والقرن معروفان والمراد أنه ينفخ فيه فيجتمعون عند سماع صوته وهو من شعار اليهود ويسمى أيضا الشبور بالشين المعجمة المفتوحة والموحدة المضمومة الثقيلة (قوله فقال عمر أو لا) الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدر كما في نظائره قال الطيبي الهمزة إنكار للجملة الأولى أي المقدرة وتقرير للجملة الثانية (قوله رجلا) زاد الكشميهني منه (قوله ينادي) قال القرطبي يحتمل أن يكون عبد الله بن زيد لما أخبر برؤياه وصدقه النبي صلى الله عليه وسلم بادر عمر فقال أو لا تبعثون رجلا ينادي أي يؤذن للرؤيا المذكورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم قم يا بلال فعلى هذا فالفاء في سياق حديث ابن عمر هي الفصيحة والتقدير فافترقوا فرأى عبد الله بن زيد فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه فصدقه
(٦٥)