وهو أقوى من الوحي فلما تأخر الأمر بالأذان عن فرض الصلاة وأراد إعلامهم بالوقت فرأى الصحابي المنام فقصها فوافقت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم سمعه فقال أنها لرؤيا حق بعدم حينئذ أن مراد الله بما أراه في السماء أن يكون سنة في الأرض وتقوى ذلك بموافقة عمر لأن السكينة تنطق على لسانه والحكمة أيضا في إعلام الناس به على غير لسانه صلى الله عليه وسلم التنويه بقدره والرفع لذكره بلسان غيره ليكون أقوى لأمره وأفخم لشأنه انتهى ملخصا والثاني حسن بديع ويؤخذ منه عدم الاكتفاء برؤيا عبد الله بن زيد حتى أضيف عمر للتقوية التي ذكرها لكن قد يقال فلم لا أقتصر على عمر فيمكن أن يجاب ليصير في معنى الشهادة وقد جاء في رواية ضعيفة سبقت ما ظاهره أن بلالا أيضا رأى لكنها مؤولة فإن لفظها سبقك بها بلال فيحمل المراد بالسبق على مباشرة التأذين برؤيا عبد الله بن زيد ومما كثر السؤال عنه هل باشر النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بنفسه وقد وقع عند السهيلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في سفر وصلى بأصحابه وهم على رواحلهم السماء من فوقهم والبلة من أسفلهم أخرجه الترمذي من طريق تدور على عمر بن الرماح يرفعه إلى أبي هريرة أه وليس هو من حديث أبي هريرة وإنما هو من حديث يعلى بن مرة وكذا جزم النووي بان النبي صلى الله عليه وسلم أذن مرة في السفر وعزاه للترمذي وقواه ولكن وجدناه في مسند أحمد من الوجه الذي أخرجه الترمذي ولفظه فأمر بلالا فأذن فعرف أن في رواية الترمذي اختصار وأن معنى قوله أذن أمر بلالا به كما يقال أعطى ناحية العالم الفلاني ألفا وإنما باشر العطاء غيره ونسب للخليفة لكونه آمرا به ومن أغرب ما وقع في بدء الأذان ما رواه أبو الشيخ بسند فيه مجهول عن عبد الله بن الزبير قال أخذ الأذان من أذان إبراهيم وأذن في الناس الحنفية الآية قال فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رواه أبو نعيم في الحلية بسند فيه مجاهيل أن جبريل نادى بالأذان لآدم حين أهبط من الجنة (الفائدة الثانية) قال الزين بن المنير أعرض البخاري عن التصريح بحكم الأذان لعدم إفصاح الآثار الواردة فيه عن حكم معين فأثبت مشروعيته وسلم من الاعتراض وقد اختلف في ذلك ومنشأ الاختلاف أن مبدأ الأذان لما كان عن مشورة أوقعها النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حتى استقر برؤيا بعضهم فأقره كان ذلك بالمندوبات أشبه ثم لما واظب على تقريره ولم ينقل أنه تركه ولا أمر بتركه ولا رخص في تركه كان ذلك بالواجبات أشبه انتهى وسيأتي بقية الكلام على ذلك قريبا إن شاء الله تعالى (قوله حدثنا عبد الوارث) هو ابن سعيد وخالد هو الحذاء كما ثبت في رواية كريمة والإسناد كله بصريون (قوله ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى) كذا ساقه عبد الوارث مختصرا و رواية عبد الوهاب الآتية في الباب الذي بعده أوضح قليلا حيث قال لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشئ يعرفونه فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا وأوضح من ذلك رواية روح بن عطاء عن خالد عند أبي الشيخ ولفظه فقالوا لو اتخذنا ناقوسا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك للنصارى فقالوا لو اتخذنا بوقا فقال ذاك لليهود فقالوا لو رفعنا نارا فقال ذاك للمجوس فعلى هذا ففي رواية عبد الوارث اختصار كأنه كان فيه ذكروا النار والناقوس والبوق فذكروا اليهود والنصارى والمجوس واللف والنشر فيه معكوس فالنار للمجوس والناقوس للنصارى والبوق لليهود وسيأتي في حديث ابن عمر التنصيص على أن البوق لليهود وقال الكرماني يحتمل أن تكون النار والبوق جميعا لليهود جمعا بين حديثي أنس وابن عمر انتهى ورواية
(٦٤)