من قال حين يسمع النداء) أي الأذان واللام للعهد ويحتمل أن يكون التقدير من قال حين يسمع نداء المؤذن وظاهره أنه يقول الذكر المذكور حال سماع الأذان ولا يتقيد بفراغه لكن يحتمل أن يكون المراد من النداء تمامه إذ المطلق يحمل على الكامل ويؤيده حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم بلفظ قولوا مثل ما يقول ثم صلوا على ثم سلوا الله لي الوسيلة ففي هذا أن ذلك يقال عند فراغ الأذان واستدل الطحاوي بظاهر حديث جابر على أنه لا يتعين إجابة المؤذن بمثل ما يقول بل لو اقتصر على الذكر المذكور كفاه وقد بين حديث عبد الله بن عمرو المراد وأن الحين محمول على ما بعد الفراغ واستدل به ابن بزيزة على عدم وجوب ذلك لظاهر إيراده لكن لفظ الأمر في رواية مسلم قد يتمسك به من يدعي الوجوب وبه قال الحنفية وابن وهب من المالكية وخالف الطحاوي أصحابه فوافق الجمهور (قوله رب هذه الدعوة) بفتح الدال زاد البيهقي من طريق محمد بن عون عن علي بن عياش اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة التامة والمراد بها دعوة التوحيد كقوله تعالى له دعوة الحق وقيل لدعوة التوحيد تامة لأن الشركة نقص أو التامة التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل بل هي باقية إلى يوم النشور أو لأنها هي التي تستحق صفة التمام وما سواها فمعرض للفساد وقال ابن التين وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول وهو لا إله الا الله وقال الطيبي من أوله إلى قوله محمد رسول الله هي الدعوة التامة والحيعلة هي الصلاة القائمة في قوله يقيمون الصلاة ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة الدعاء وبالقائمة الدائمة من قام على الشئ إذا داوم عليه وعلى هذا فقوله والصلاة القائمة بيان للدعوة التامة ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذ وهو أظهر (قوله الوسيلة) هي ما يتقرب به إلى الكبير يقال توسلت أي تقربت وتطلق على المنزلة العلية ووقع ذلك في حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم بلفظ فإنها منزلة في الجنة لا ينبغي إلا لعبد من عباد الله الحديث ونحوه للبزار عن أبي هريرة ويمكن ردها إلى الأول بأن الواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله فتكون كالقربة التي يتوسل بها (قوله والفضيلة) أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفسيرا للوسيلة (قوله مقاما محمودا) أي يحمد القائم فيه وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من يجري الكرامات ونصب على الظرفية أي أبعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا أو ضمن أبعثه معنى أقمه أو على أنه مفعول به ومعنى أبعثه أعطه ويجوز أن يكون حالا أي أبعثه ذا مقام محمود قال النووي ثبتت الرواية بالتنكير وكأنه حكاية للفظ القرآن وقال الطيبي إنما نكره لأنه أفخم وأجزل كأنه قيل مقاما أي مقاما محمودا بكل اختلفوا (قلت) وقد جاء في هذه الرواية بعينها من رواية علي بن عياش شيخ البخاري فيه بالتعريف عند النسائي وهي في صحيح ابن خزيمة وابن حبان أيضا وفي الطحاوي والطبراني في الدعاء والبيهقي وفيه تعقب على من أنكر ذلك كالنووي (قوله الذي وعدته) زاد في رواية البيهقي انك لا تخلف الميعاد وقال الطيبي المراد بذلك قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وأطلق عليه الوعد لأن عسى من الله أوقع كما صح عن بن عيينة وغيره والموصول إما بدل أو عطف بيان أو واقع خبر مبتدأ محذوف وليس صفة للنكرة ووقع في رواية النسائي وابن خزيمة وغيرهما المقام المحمود بالألف واللام فيصبح وصفه بالموصول والله أعلم قال ابن الجوزي والأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة وقيل إجلاسه على العرش وقيل على الكرسي وحكى كلا
(٧٨)