الدينية عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفعلة دنيوية وهي الحلبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت ويسمونها العتمة (قلت) وذكر بعضهم أتلك الحلبة إنما كانوا يعتمدونها في زمان الجدب خوفا من السؤال والصعاليك فعلى هذا فهي فعلة دنيوية مكروهة لا تطلق على فعلة دينية محبوبة ومعنى العتم في الأصل تأخير مخصوص وقال الطبري العتمة بقية اللبن تغبق بها الناقة بعد هوى من الليل فسميت الصلاة بذلك لأنهم كانوا يصلونها في تلك الساعة وروى ابن أبي شيبة من طريق ميمون بن مهران قال قلت لابن عمر من أول من سمي صلاة العشاء العتمة قال الشيطان (قوله وقال أبو هريرة) شرع المصنف في إيراد أطراف أحاديث محذوفة الأسانيد كلها صحيحة مخرجة في أمكنة أخرى حاصلها ثبوت تسمية هذه الصلاة تارة عتمة وتارة عشاء وأما الأحاديث التي لا تسمية فيها بل فيها أطلاق الفعل كقوله أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ففائدة ايراده لها الإشارة إلى أن النهى عن ذلك إنما هو لإطلاق الاسم لا لمنع تأخير هذه الصلاة عن أول الوقت وحديث أبي هريرة المذكور وصله المصنف باللفظ الأول في باب فضل العشاء جماعة وباللفظ الثاني وهو العتمة في باب الاستهام في الأذان (قوله قال أبو عبد الله) هو المصنف (قوله والاختيار) قال الزين بن المنير هذا لا يتناوله لفظ الترجمة فإن لفظ الترجمة يفهم التسوية وهذا ظاهر في الترجيح (قلت) لا تنافى بين الجواز مضمحلا فالشيئان إذا كانا جائزا الفعل قد يكون إحداهما أولى من الآخر وإنما صار عنده أولى لموافقته لفظ القرآن ويترجح أيضا بأنه أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وبأن تسميتها عشاء يشعر بأول وقتها بخلاف تسميتها عتمة لأنه يشعر بخلاف ذلك وبأن يسير في الترجمة لا ينافي ما ذكر أنه الاختيار وهو واضح لمن نظره لأنه قال من كره فأشار إلى الخلاف ومن نقل الخلاف لا يمتنع عليه أن يختار (قوله ويذكر عن أبي موسى) سيأتي موصولا عند المصنف مطولا بعد باب واحد وكأنه لم يجزم به لأنه اختصر لفظه نبه على ذلك شيخنا الحافظ أبو الفضل وأجاب به من اعترض علي بن الصلاح حيث فرق بين الصيغتين وحاصل الجواب أن صيغة الجزم أخذت على القوة وصيغة التمريض لا أخذت ثم بين مناسبة العدول في حديث أبي موسى عن الجزم مع صحته إلى التمريض بأن البخاري قد يفعل ذلك لمعنى غير التضعيف وهو ما ذكره من إيراد الحديث بالمعنى وكذا الاقتصار على بعضه لوجود الاختلاف في جوازه وأن كان المصنف يرى الجواز (قوله وقال بن عباس وعائشة) أما حديث ابن عباس فوصله المصنف في باب النوم قبل العشاء كما سيأتي قريبا وأما حديث عائشة بلفظ أعتم بالعشاء فوصله في باب فضل العشاء من طريق عقيل وفي الباب الذي بعده من طريق صالح بن جلس كلاهما عن الزهري عن عروة عنها وأما حديثها بلفظ أعتم بالعتمة فوصله المصنف أيضا في باب خروج النساء إلى المساجد بالليل بعد باب وضوء الصبيان من كتاب الصلاة أيضا من طريق شعيب عن الزهري بالسند المذكور وأخرجه الإسماعيلي من طريق عقيل أيضا ويونس وابن أبي ذئب وغيرهم عن الزهري بلفظ أعتم النبي صلى الله علية وسلم ليلة بالعشاء وهي التي يدعو الناس العتمة وهذا يشعر بان السياق المذكور من يطلق الراوي * (تنبيه) * معنى أعتم دخل في وقت العتمة ويطلق أعتم بمعنى أخر لكن الأول هنا أظهر (قوله وقال جابر كان النبي صلى الله علية وسلم يصلي العشاء) هو طرف من حديث وصله المؤلف في باب وقت المغرب وفي باب وقت العشاء (قوله وقال أبو برزة كالنبي
(٣٨)