ركعة من العصر قبل الغروب) أورد فيه حديث أبي سلمة عن أبي هريرة إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته فكأنه أراد تفسير الحديث وأن المراد بقوله فيه سجدة أي ركعة وقد رواه الإسماعيلي من طريق حسين بن محمد عن شيبان بلفظ من أدرك منكم ركعة فدل على أن الاختلاف في الألفاظ وقع من الرواة وستأتى رواية مالك في أبواب وقت الصبح بلفظ من أدرك ركعة ولم يختلف على راويها في ذلك فكان عليها الاعتماد وقال الخطاب المراد بالسجدة الركعة بركوعها وسجودها والركعة إنما يكون تمامها بسجودها فسميت على هذا المعنى سجدة انتهى وقد روى البيهقي هذا الحديث من طريق محمد بن الحسين بن أبي الحسين عن الفضل بن دكين وهو أبو نعيم شيخ البخاري فيه بلفظ إذا أدرك أحدكم أول سجدة من صلاة العصر وإنما لم يأت المصنف في الترجمة بجواب الشرط لما في لفظ المتن الذي أورده من الاحتمال وهو قوله فليتم صلاته لأن الأمر بالإتمام أعم من أن يكون ما ينمه أداء أو قضاء فحذف جواب الشرط لذلك ويحتمل أن تكون من فالترجمة موصولة وفي الكلام حذف تقديره باب حكم من أدرك الخ لكن سيأتي من حديث مالك بلفظ فقد أدرك الصلاة وهو يقتضى أن تكون أداء وستأتى مباحثه هناك أن شاء الله تعالى (قوله إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس) ظاهره أن بقاء هذه الأمة وقع في زمان الأمم السالفة وليس ذلك المراد قطعا وإنما معناه أن نسبة مدة هذه الأمة إلى مدة من تقدم من الأمم مثل ما بين صلاة العصر وغروب الشمس إلى بقية النهار فكأنه قال إنما بقاؤكم بالنسبة إلى ما سلف الآخرة وحاصله أن في بمعنى إلى وحذف المضاف وهو لفظ نسبة وقد أخرج المصنف هذا الحديث وكذا حديث أبي موسى الآتي بعده في أبواب الإجارة ويقع استيفاء الكلام عليهما هناك إن شاء الله تعالى والغرض هنا بيان مطابقتهما للترجمة والتوفيق بين ما ظاهره الاختلاف منهما (قوله أوتى أهل التوراة التوراة) ظاهره أن هذا كالشرح والبيان لما تقدم من تقدير مدة الزمانين وقد زاد المصنف من رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر في فضائل القرآن هنا وأن مثلكم ومثل اليهود والنصارى الخ وهو يشعر بأنهما قضيتان (قوله قيراطا قيراطا) كرر قيراطا ليدل على تقسيم القراريط على العمال لأن العرب إذا أرادت تقسيم الشئ على متعدد كررته كما يقال أقسم هذا المال على بني فلان درهما درهما لكل واحد درهم (قوله في حديث بن عمر عجزوا) قال الداودي هذا مشكل لأنه أن كان المراد من مات منهم مسلما فلا يوصف بالعجز لأنه عمل ما أمر به وإن كان من مات بعد التغيير والتبديل فكيف يعطي القيراط من حبط عمله يكفره وأورده ابن التين قائلا قال بعضهم ولم ينفصل عنه وأجيب بان المراد من مات منهم مسلما قبل التغيير والتبديل وعبر بالعجز لكونهم لم يستوفوا عمل النهار كله وإن كانوا قد استوفوا عمل ما قدر لهم فقوله عجزوا أي عن احراز الأجر الثاني دون الأول لكن من أدرك منهم النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به أعطى الأجر مرتين كما سبق مصرحا به كتاب الإيمان قال المهلب ما معناه أورد البخاري حديث بن عمر وحديث أبي موسى في هذه الترجمة ليدل على أنه قد يستحق بعمل البعض أجر الكل مثل الذي أعطى من العصر إلى الليل أجر النهار كله فهو وكما من يعطي أجر الصلاة كلها ولو لم يدرك إلا ركعة وبهذا تظهر مطابقة الحديثين للترجمة (قلت) وتكملة ذلك أن
(٣٢)