فتخلف معه عبد الله بن عباس ومضيت مع علي وأبطأ علينا ابن عباس ثم لحق بنا، فقال له علي عليه السلام: ما وراءك؟ قال: يا أبا الحسن أعجوبة من عجائب أمير المؤمنين أخبرك بها واكتم علي، فقال: هلم، قال: فلما أن وليت قال عمر - وهو ينظر إلى أثرك -: آه آه آه، فقلت: مم تأوه يا أمير المؤمنين؟
قال: من أجل صاحبك - يا ابن عباس - وقد أعطي ما لم يعطه أحد من آل النبي، ولولا ثلاث هن فيه ما كان لهذا الأمر من أحد سواه.
قلت: ما هن يا أمير المؤمنين؟
قال كثرة دعابته، وبغض قريش له، وصغر سنه.
قال: فما رددت عليه؟
قال: داخلني ما يدخل ابن العم لابن عمه.
فقلت: يا أمير المؤمنين: أما كثرة دعابته فقد كان النبي صلى الله عليه وآله يداعب فلا يقول إلا حقا، وأين أنت حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ونحن حوله صبيان وكهول وشيوخ وشبان ويقول للصبي:
(سناقا. سناقا) ولكل ما يعلمه الله يشتمل على قلبه (١).
وأما بغض قريش له فوالله ما يبالي ببغضهم له بعد أن جاهدهم في الله حين أظهر الله دينه، فقصهم أقرانهم، وكسر آلهتها، وأثكل نساءها، لامه من لامه.
وأما صغر سنه فقد علمت [أن] الله تعالى حيث أنزل عليه: ﴿براءة من الله ورسوله﴾ (2) فوجه النبي صلى الله عليه وآله صاحبه ليبلغ عنه فأمره الله أن لا يبلغ عنه ألا رجل من أهله، فوجهه به فهل استصغر الله سنه؟
فقال عمر لابن عباس (رضي الله عنه): أمسك علي، واكتم، فإن سمعتها