ثم التفت إلى الكندي فقال: أتفخر بأكرم الأنام وخيرها محمد صلى الله عليه وآله وبه افتخر من ذكرت، فالمن من الله عز وجل عليكم إن كنتم أتباعه وأشياعه فمنا نبي الله المصطفى وخليفة الله المرتضى، ولنا السؤدد والعلى، وفينا الحلم والحجى، ولنا الشرف المقدم والركن المكرم والبيت المعظم، والجناب الأخضر والعدد الأكثر والعز الأكبر، ولنا البيت المعمور والمشعر المشهور والسقف المرفوع وزمزم وبطحاؤها وجبالها وصحراؤها وحياضها وغياضها وأحجارها وأعلامها ومنابرها وسقايتها وحجابتها وسدانة بيتها.
فهل يعدلنا عادل ويبلغ فخرنا قائل، ومنا أعلم الناس ابن عباس أعلم البشر الطيبة أخباره الحسنة آثاره، ومنا الوصي وذو النور، ومنا الصديق والفاروق، ومنا أسد الله وسيف الله، ومنا سيد الشهداء وذو الجناحين، ومنا الكماة والفرسان، ومنا الفقهاء والعلماء، بنا عرف الدين، ومن عندنا أتاكم اليقين، فمن زاحما زاحمناه، ومن عادانا اصطلمناه، ومن فاخرناه، ومن بدل سنتنا قتلناه.
ثم التفت إلى الكندي وقال: كيف علمك بلغات قومك؟ قال: أنا بها عالم. قال: ما الجحمة في لغتكم؟ قال: العين. قال: فما الميزم؟ قال: السن.
قال: فالشناتر؟ قال: الإصبع. قال: فالصنانير؟ قال: الاذان. قال: فما القلوب؟ قال: الذئب. قال: فما الزب؟ قال: اللحية. قال: أفتقرأ كتاب الله عز وجل؟ قال: نعم.
قال: فإن الله عز وجل يقول: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) وقال: (بلسان عربي مبين) وقال جل ذكره: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)، وقال عز وجل: (العين بالعين) ولم يقل: الجحمة بالجحمة، وقال: (جعلوا أصابعهم في آذانهم) ولم يقل: شناترهم في صنانيرهم، وقال: (السن بالسن) ولم يقل: الميزم بالميزم، وقال: (فأكله الذئب) ولم يقل: القلوب، وقال: