وهذا عن بني حسن، فتنازعا يوما عند خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم أمير المدينة، فأغلظ كل واحد منهما لصاحبه، فسر خالد بن عبد الملك بذلك وأعجبه سبابهما، وقال لهما حين سكتا: اغدوا علي فلست بابن عبد الملك إن لم أفصل بينكما غدا.
فباتت المدينة تغلي كالمرجل فمن قائل يقول: قال زيد كذا وقائل يقول:
قال عبد الله كذا، فلما كان الغد جلس خالد في المسجد وجمع الناس فمن بين شامت ومفحوم، ودعا بهما وهو يحب أن يتشاتما، فذهب عبد الله يتكلم فقال زيد: لا تعجل يا أبا محمد، أعتق زيد ما يملك إن خاصمك إلى خالد أبدا، ثم أقبل على خالد فقال له: أجمعت ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله لامر ما كان يجمعهم عليه أبو بكر ولا عمر؟ فقال خالد: أما لهذا السفيه أحد يكلمه.
فتكلم رجل من الأنصار من آل عمرو بن حزم فقال: يا ابن أبي تراب و يا بن حسين السفيه، أما ترى عليك لوال حقا ولا طاعة، فقال زيد: اسكت أيها القحطاني فإنا لا نجيب مثلك. فقال الأنصاري: ولم ترغب عني فوالله إني لخير منك، وأبي خير من أبيك وأمي خير من أمك.
فتضاحك زيد وقال: يا معشر قريش هذا الدين قد ذهب أفذهبت الأحساب؟! فتكلم عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال:
كذبت أيها القحطاني، والله لهو خير منك نفسا وأبا واما ومحتدا وتناوله بكلام كثير، وأخذ كفا من الحصى فضرب به الأرض وقال: إنه والله مالنا على هذا من صبر، وقام.
فقام زيد أيضا وشخص من فوره إلى هشام بن عبد الملك، فجعل هشام لا يأذن له، وزيد يرفع إليه القصص وكلما رفع إليه قصة كتب هشام في أسفلها:
إرجع إلى أرضك، فيقول زيد: والله لا أرجع إلى ابن الحارث ابدا، ثم أذن له بعد حبس طويل وهشام في علية له، فرقى زيد إليها، وقد أمر هشام خادما له أن