تنزله على مقتضى البلاغة من إرادة المجاز والكناية والتقدير وإلا لا يصح المعنى لا عقلا ولا شرعا، فمثلا: إذا حملت قوله تعالى: (وجاء ربك) على ظاهره فقد عارضت العقل والشرع، لان العقل والشرع يحكمان بوجود الله في كل مكان، وأنه لا يخلو منه مكان أبدا، فظاهر الآية تقول بجسمية الله والجسم له حيز ومكان، ومعنى هذا أن الله لو كان في السماء خلت منه الأرض، ولو كان في الأرض خلا منه السماء، وهذا غير صحيح لا عقلا ولا شرعا.
ارتبك العباسي أمام هذا المنطق الصائب وتحير في الجواب، ثم قال: إني لا أقبل هذا الكلام وعلينا أن نأخذ بظواهر آيات القرآن.
قال العلوي: فما تصنع بالآيات المتشابهات؟ ثم إنك لا يمكنك أن تأخذ بظاهر كل القرآن وإلا لزم ان يكون صديقك الجالس إلى جنبك الشيخ أحمد عثمان (وهو من علماء السنة وكان أعمى البصر) من أهل النار.
قال العباسي: ولماذا؟
قال العلوي: لان الله تعالى يقول: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) فحيث أن الشيخ أحمد أعمى الان في الدنيا فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا، فهل ترضى بهذا يا شيخ أحمد؟
قال الشيخ: كلا كلا، فإن المراد بالأعمى في الآية المنحرف عن طريق الحق.
قال العلوي: إذن ثبت أنه لا يتمكن الانسان أن يعمل بكل ظواهر القرآن.
وهنا اشتد الجدال حول ظواهر القرآن هذا والعلوي يفحم العباسي بالأدلة والبراهين حتى:
قال الملك: دعوا هذا الكلام وانتقلوا إلى غيره.
قال العلوي: ومن انحرافاتكم وأباطيلكم - أنتم السنة - حول الله سبحانه أنكم تقولون: إن الله يجبر العباد على المعاصي والمحرمات ثم يعاقبهم عليها.