أليس مسافة يومين وأقبلت الخيول بهم أفواجا مستأسرين ووكل بهم رجالا يضربون أعناقهم على النهر يوما وليلة والدم يتشف فقال له القعقاع - الصحابي الذي اختلقه سيف - وأشباه له لو قتلت أهل الأرض لم تجر دماءهم، أرسل عليها الماء تبر يمينك فأرسل عليها الماء فأعاده فجرى النهر دما عبيطا فسمي نهر الدم لذلك إلى اليوم.
ثم قال ذهب خالد إلى أمغيشيا وكانت مصرا كالحيرة فأمر بهدم أمغيشيا وكل شئ كان في حيزها وبلغ عدد قتلاهم سبعين ألفا.
أما هدم مدينة أمغيشيا التي اختلق سيف المدينة وحيزها وخبر هدمها، فقد كان له نظير في التاريخ من قبل طغاة مثل هولاكو وجنكيز وكذلك قتل الاسرى غير أن سيفا نسب إلى خالد ما لم يجر له نظير في تاريخ الحروب وهو أنه أجرى نهرهم بدمائهم وأنه سمي نهر الدم إلى اليوم.
اختلق سيف كل هذه الأخبار واختلق أخبار معارك الثني والمذار والمقر وفم فرات بادقلى وحرب المصيخ وقتلهم الكفار يومذاك حتى امتلأ الفضاء من قتلاهم، فما شبهوهم الا بغنم مصرعة وكذلك معركة الثني والزميل والفراض وقتل مائة ألف من الروم فيها.
اختلق سيف جميع أخبار هذه الحروب ونظائرها وانتشرت في تواريخ الطبري وابن الأثير وابن كثير وابن خلدون وغيرهم ولا حقيقة لواحدة منها وقد ناقشنا أخبارها وأسنادها في بحث (انتشار الاسلام بالسيف والدم في حديث سيف) من كتاب عبد الله بن سبأ الجزء الثاني.
ألا يحق لخصوم الاسلام مع هذا التاريخ المزيف أن يقولوا: " ان الاسلام انتشر بحد السيف ".
وهل يشك أحد بعد هذا من هدف سيف في وضع هذا التاريخ وما نواه من سوء للاسلام؟! وما الدافع لسيف إلى كل هذا الدس والوضع إن لم تكن الزندقة التي وصفه العلماء بها؟!
وأخيرا هل خفي كل هذا الكذب والافتراء على إمام المؤرخين الطبري؟ و علامتهم ابن الأثير؟ ومكثرهم ابن كثير؟ وفيلسوفهم ابن خلدون؟ وعلى عشرات من أمثالهم؟ كابن عبد البر وابن عساكر والذهبي وابن حجر؟ كلا فإنهم هم الذين وصفوه بالكذب ورموه بالزندقة! وقد ذكر الطبري وابن الأثير وابن خلدون في تواريخهم في وقعة ذات السلاسل: