والمراد بقوله عليه السلام " والعمل قيمة " أن العمل يثقف ميله، ويقوم زلله، و يسد خلله، فهو كالقيم الذي يأتي بمصالح ما يقوم عليه، ومراشد ما يوكل إليه والمراد بقوله عليه السلام " واللين أخوه " أن اللين يفيده مواخاة الاخوان، ومخالصتهم ويحفظ عليه صفاءهم ومودتهم، فجعله عليه السلام أخاه من حيث كان سببا لاجتلاب الاخوان إليه، وحفظ المودات عليه.
والمراد بقوله عليه السلام " والرفق والده " كالمراد بقوله، واللين أخوه، لان الرفق يقبل إليه بالقلوب، ويظأر عليه كوامن الصدور، فيصير كل أحد في الحنو عليه، والميل إليه كالوالد الرؤف، والحدب العطوف (1).
والمراد بقوله عليه السلام " والصبر أمير جنوده " أن الصبر ملاك أمره، وشداد أزره وبه يبلغ الآداب، ويدرك المحاب، فهو كأمير جنده الذي يقوى به على أعدائه ويصل به إلى أغراضه وطلباته. وقد يجوز أن يكون المراد أن الصبر رأس خلاله ورئيس خصاله، فهو متقدم عليها، وكالأمير لسائرها، كما أن الأمير متقدم على رعيته، وسائس على من في طبقته.
39 - الشهاب: قال صلى الله عليه وآله: المؤمن يسير المؤنة.
الضوء: هذا إخبار معناه الامر، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمن أن يكون يسير المؤنة، قانعا بالموجود، صابرا عن المفقود، شاكرا ذاكرا، لا طامح البصر إلى زبرج الدنيا، ولا جشعا تواقا إلى العليا، منكسر القلب، ذليل النفس للرب، تكفيه الكسرة، وترويه الشربة، ويواريه الجرد، ويلفحه الحر، وينفحه البرد، كما وصفه أمير المؤمنين عليه السلام " هو من نفسه في تعب، والناس منه في راحة " وفائدة الحديث الحث على التخفف من الدنيا، والابتذال فيها وراويه أبو هريرة.
أقول: الجر بالفتح: الخلق البالي، ولفح النار بحرها: أحرقت، و نفحت الريح هبت.
40 - الشهاب: قال صلى الله عليه وآله: المؤمن كيس فطن حذر.