إنما هو فيما هو غاية بالذات، والغاية بالذات هنا إنما هي التكليف بالعبادة، والعبادة غاية بالعرض، والتكليف شامل لجميع أفراد الجن والإنس، للروايات الدالة على أن الأطفال والمجانين يكلفون في القيامة، كما سيأتي في كتاب الجنايز.
قوله " وقبل مماتكم " كأن تخصيص قبل الممات بالذكر وإن كان داخلا في الحياة، للتنبيه على أن المدار على العاقبة في السعادة والشقاوة، " لأبلوك وأبلوهم " أي لأعاملك وإياهم معاملة المختبر، " أيكم أحسن عملا " مفعول ثان للبلوى، بتضمين معنى العلم.
قوله " والطاعة والمعصية " إسناد خلقهما إليه سبحانه إسناد إلى العلة البعيدة أو المراد به: جعل المعصية معصية والطاعة طاعة، أو المراد بالخلق: التقدير على عموم المجاز، أو الاشتراك، وظاهره أن الجنة والنار مخلوقتان، كما هو مذهب أكثر الامامية بل كلهم، وأكثر العامة، وقد مر الكلام فيه في كتاب المعاد.
" وبعلمي النافذ فيهم ": أي المتعلق بكنه ذواتهم وصفاتهم وأعمالهم، كأنه نفذ في أعماقهم، أو الجاري أثره فيهم " فجعلت منهم الشقي والسعيد " أي من كنت أعلم عند خلقه أنه يصير شقيا، أو المادة القابلة للشقاوة، وإن لم يكن مجبورا عليها، وكذا السعيد " والبصير " أي بصرا أو بصيرة وكذا " الأعمى ".
و " الذميم " في أكثر النسخ بالذال المعجمة أي المذموم الخلقة، في القاموس ذمه ذما ومذمة فهو مذموم وذميم، وبئر ذميم وذميمة: قليلة الماء، وغزيرة ضد وبه ذميمة: أي زمانة تمنعه الخروج وكأمير بثر يعلو الوجوه من حر أو جرب. (1) وفي بعض النسخ بالدال المهملة، في القاموس: (2) والدمة بالكسر: الرجل القصير الحقير وأدم: أقبح، أو ولد له ولد قبيح دميم، وقال: الزمانة: العاهة وقوله " لأبلوهم " بدل لقوله: " لذلك خلقتهم " قوله " ولي أن أغير " إشارة إلى أن