ويمكن أيضا أن يقال: المعنى أن الله تعالى قرر في خلقة آدم عليه السلام وطينته دواعي الخير والشر، وعلم أنه يكون في ذريته السعداء والأشقياء، وخلق آدم عليه السلام مع علمه بذلك، فكأنه خلط بين الطينتين، ولما كان أولاد آدم مدنيين بالطبع، لابد لهم في نشأة الدنيا من المخالطة والمصاحبة، فالسعداء يكتسبون الصفات الذميمة من مخالطة الأشقياء وبالعكس، فلعل قوله " من لطخ أصحاب الشمال " و " من لطخ أصحاب اليمين " إشارة إلى هذا المعنى.
ولما كان السبب الأقوى في اكتساب السعداء صفات الأشقياء استيلاء أئمة الجور وأتباعهم على أئمة الحق وأتباعهم، وعلم الله أن المؤمنين إنما يرتكبون الآثام، لاستيلاء أهل الباطل عليهم، وعدم تولي أئمة الحق لسياستهم، فيعذرهم بذلك ويعفو عنهم، ويعذب أئمة الجور وأتباعهم بتسببهم لجرائم من خالطهم، مع ما يستحقون من جرائم أنفسهم، وسيأتي مزيد تحقيق لذلك في الاخبار الآتية إنشاء الله تعالى.
26 - المحاسن: عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى خلق المؤمن من نور عظمته، وجلال كبريائه فمن طعن على المؤمن أو رد عليه فقد رد على الله في عرشه، وليس هو من الله في ولاية وإنما هو شرك شيطان (1).
بيان: " وليس هو من الله في ولاية ": أي ليس من أولياء الله وأحبائه وأنصاره أو ليس من المؤمنين الذين ينصرهم الله ويواليهم، كما قال تعالى: " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم (2) " أو ليس من حزب الله، بل هو من حزب الشيطان كما ورد في خبر آخر: خرج من ولاية الله إلى ولاية الشيطان.
27 - رياض الجنان: لفضل الله بن محمد الفارسي باسناده عن بشر بن أبي عتبة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: إن الله خلق محمدا من طينة من