فلذلك خلقت الدنيا والآخرة، والحياة والموت، والطاعة والمعصية، والجنة والنار.
وكذلك أردت في تقديري وتدبيري، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم، وألوانهم وأعمارهم، وأرزاقهم، وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقي والسعيد، والبصير والأعمى، والقصير والطويل، والجميل والدميم، والعالم والجاهل والغني والفقير، والمطيع والعاصي، والصحيح والسقيم، ومن به الزمانة، ومن لا عاهة به.
فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة، فيحمدني على عافيته، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن أعافيه، ويصبر على بلائي فأثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر، فيحمدني على ما هديته.
فلذلك (1) خلقتهم لأبلوهم في السراء والضراء، وفيما أعافيهم، وفيما أبتليهم وفيما أعطيهم، وفيما أمنعهم، وأنا الله الملك القادر، ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت، ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت، وأقدم من ذلك ما أخرت، وأؤخر من ذلك ما قدمت، وأنا الله الفعال لما أريد، لا اسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون (2).
تبيين: قوله " فكان " و " ثم قال " و " فنظر " الكل معطوف على أخرج، وقوله:
" قال آدم " جواب لما، و " لأمر ما " أي لأمر عظيم، قوله " يعبدونني " أي أريد منهم أن يعبدوني، قوله " لا يشركون بي شيئا " حال أو استيناف بياني.
قوله " وكذلك خلقتهم " في بعض النسخ " لذلك " أي لأجل الاختلاف كما قال سبحانه " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " (3) على بعض التفاسير، أو لان يعبدوني ولا يشركوا بي شيئا.