إمام المتقين، ويا غياث المستغيثين، ويا كنز الطالبين، ومعدن الراغبين، فأشار - عليه السلام - إلى السحابة فدنت.
قال ميثم - رحمه الله -: فرأيت الناس كلهم قد أخذتهم السكرة، فرفع - عليه السلام - رجله وركب السحابة، وقال لعمار: اركب معي وقل: الحمد لله (1) مجراها ومرساها إن ربي على صراط مستقيم، فركب عمار وغابا عن أعيننا، فلما كان بعد ساعة أقبلت السحابة حتى أظلت جامع الكوفة فالتفت وإذا مولاي - عليه السلام - جالس في دكة القضاء وعمار بين يديه والناس حافون به.
ثم قام وصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وأخذ في الخطبة المعروفة بالشقشقية (2)، فلما فرغ منها اضطرب الناس وقالوا فيه أقاويل مختلفة، فمنهم من زاده الله بصيرة وإيمانا بما شاهدوه منه، ومنهم من زاده كفرا وطغيانا.
ثم قال عمار: قد طارت بنا السحابة في الجو فما كان إلا هنيئة حتى أشرفنا على بلد كبير، حواليها أشجار كثيرة ومياه متدفقة، فقال - عليه السلام -: انهمي وصوبي، فنزلت بنا السحابة وإذا نحن في مدينة كبيرة، كثيرة الناس، يتكلمون بكلام غير العربية، فاجتمعوا عليه ولاذوا به، فقام فوعظهم وأنذرهم بمثل كلامهم، ثم قال: يا عمار اركب واتبعني، ففعلت ما أمرني به، فأدركنا جامع الكوفة في الوقت الذي رأيته.
ثم قال عمار: قال لي أمير المؤمنين - عليه السلام - أتعرف البلدة التي كنت فيها؟
قلت: الله أعلم بذلك وأنت يا أمير المؤمنين. فقال: كنا في الجزيرة السابعة من الصين، أخطب كما رأيتني إن الله تبارك وتعالى أرسل رسوله - صلى الله عليه وآله -