أمير المؤمنين ليس هاهنا ماء ونحن نخاف العطش. قالوا: فمررنا براهب في ذلك الموضع فسألناه: هل بقربك ماء؟ فقال: ما من ماء دون الفرات. فقلنا: يا أمير المؤمنين العطش وليس قربنا ماء.
فقال: إن الله سيسقيكم، فقام يمشي حتى وقف في مكان (ضحضاح) (1) ودعا بمساح (2)، وأمر بذلك المكان فكنس، فأجلى (3) عن صخرة، فلما انجلى عنها قال: إقلبوها، فرمناها بكل مرام فلم تستطعها، فلما أعيتنا، دنا منها، فأخذ بجانبها فدحا بها فكأنها كرة، فرمى بها فانجلت عن ماء لم ير أشد بياضا، ولا أصفى، ولا أعذب منه، فتنادى الناس الماء، فاغترفوا وسقوا وشربوا وحملوا.
ثم أخذ - عليه السلام - الصخرة فردها مكانها، ثم تحمل الناس فسار غير بعيد، فقال: أيكم يعرف مكان هذه العين؟ فقالوا: كلنا نعرف مكانها. قال: فانطلقوا حتى تنظروا (4)، فانطلق من شاء الله [منا] (5) فدرنا حتى أعيينا فلم نقدر على شئ، فأتينا الراهب فقلنا له: ويحك ألست زعمت أنه ليس قبلك ماء، ولقد استثرنا ها هنا ماء فشربنا واحتملنا.
قال: فوالله ما استثارها إلا نبي أو وصي نبي، قلنا: فإن فينا وصي نبينا - عليه السلام -، قال: فانطلقوا إليه فقولوا له: ماذا قال له النبي حين حضره الموت. قالوا:
فأتيناه، فقلنا [له] (6): إن هذا الراهب قال: كذا وكذا.
قال: فقولوا له: إن خبرناك لتنزلن ولتسلمن. فقلنا له. فقال: نعم. فأتينا أمير المؤمنين - عليه السلام - [فقلنا:] (7) قد حلف ليسلمن. قال: فانطلقوا فاخبروه أن اخر ما