مسيرة (1) خمسمائة عام، سيبلغهما صوتك، فذهب فنادى (2) فسعت إحداهما إلى الأخرى سعي المتحابين طالت غيبة أحدهما (3) عن الآخر واشتد إليه شوقه، وانضمتا.
فقال قوم من منافقي العسكر: إن عليا يضاهي في سحره رسول الله ابن عمه!
ما ذاك رسول الله ولا هذا إمام، وإنما هما (4) ساحران! ولكنا سندور من خلفه لننظر إلى عورته وما يخرج منه، فأرسل الله ذلك إلى اذن علي - عليه السلام - من قبلهم.
فقال - جهرا -: يا قنبر إن المنافقين أرادوا مكايدة وصي رسول الله - صلى الله عليه وآله - وظنوا أنه لا يمتنع منهم إلا بالشجرتين فارجع إليهما - يعني الشجرتين - (5) وقل لهما:
إن وصي رسول الله - صلى الله عليه وآله - يأمركما (6) أن تعودا إلى مكانكما ففعل ما أمره به، فانقلعتا وعادت (7) كل واحدة منهما تفارق الأخرى كهزيمة الجبان من الشجاع البطل، ثم ذهب علي - عليه السلام - ورفع ثوبه ليقعد، وقد مضى من المنافقين جماعة لينظروا إليه ولما رفع ثوبه أعمى الله أبصارهم فلم يبصروا شيئا، فولوا عنه وجوههم فأبصروا كما كانوا يبصرون.
ثم نظروا إلى جهته فعموا، فما زالوا ينظرون إلى جهته ويعمون ويصرفون عنه وجوههم ويبصرون، إلى أن فرغ علي - عليه السلام - وقام ورجع، وذلك ثمانون مرة من كل واحد منهم.