لنفسك فداء، بل [قد] (1) رضيت أن تكون روحي ونفسي فداء لأخ لك أو قريب أو لبعض الحيوانات تمتهنها، وهل أحب الحياة إلا لخدمتك، والتصرف بين أمرك ونهيك، ولمحبة أوليائك، ونصرة أصفيائك، ومجاهدة أعدائك؟ لولا ذلك لما أحببت أن أعيش في هذه الدنيا ساعة واحدة.
فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وآله - على علي - عليه السلام - وقال له:
يا أبا حسن (2) قد قرأ علي كلامك هذا الموكلون باللوح المحفوظ، وقرأوا علي ما أعد الله [به] (3) لك من ثوابه في دار القرار ما لم يسمع بمثله السامعون، ولا رأى مثله الراؤون، ولا خطر مثله ببال المتفكرين ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - لأبي بكر: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما اطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب؟
قال أبو بكر: يا رسول الله أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح، ولا فرج متيح، وكان ذلك في محبتك لكان ذلك أحب إلي من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع مماليك ملوكها في مخالفتك، ما أهلي (4) ومالي وولدي إلا فداؤك.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: لا جرم إن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقا لما جرى على لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر، والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن، كعلي الذي هو مني كذلك، وعلي فوق ذلك لزيادة فضائله وشريف (5) خصاله.