قال - صلى الله عليه وآله -: نسبتك إياي إلى (1) الجنون من غير محنة منك ولا تجربة ولا نظر في صدقي أو كذبي. فقال الحارث: أوليس قد عرفت كذبك وجنونك بدعواك النبوة التي لا تقدر لها؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: وقولك لا تقدر لها فعل المجانين [لأنك لم تقل لم قلت كذا، ولا طالبتني بحجة فعجزت عنها] (2). فقال الحارث:
صدقت، أنا امتحن امرك بآية أطالبك بها ان كنت نبيا، فادع تلك الشجرة العظيمة البعيدة عمقها، فإن اتتك علمت أنك رسول الله - صلى الله عليه وآله - واشهد (3) بذلك، وإلا فأنت ذلك المجنون (الذي) (4) قيل لي.
فرفع رسول الله - صلى الله عليه وآله - يده إلى تلك الشجرة وأشار إليها أن تعالي، فانقلعت الشجرة بأصولها وعروقها، وجعلت تخد الأرض أخدودا عظيما كالنهر حتى دنت من رسول الله - صلى الله عليه وآله - فوقعت بين يديه ونادت بصوت فصيح: هاأنا ذا يا رسول الله ما تأمرني؟
فقال رسول الله لها: دعوتك تشهدي لي بالنبوة بعد شهادتك لله بالتوحيد، ثم تشهدي بعد ذلك لعلي هذا بالإمامة، وانه سندي وظهري وعضدي وفخري، ولولاه ما خلق الله عز وجل شيئا مما خلق.
فنادت: اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد انك عبده ورسوله، أرسلك بالحق بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وأشهد أن عليا ابن عمك، هو أخوك في دينك، هو أوفر خلق الله من الدين حظا، وأجزلهم من الاسلام نصيبا، وأنه سندك وظهرك، قامع أعدائك،