وكان أحدهما من الخوارج، فتوجه الحكم على الخارجي، فحكم عليه أمير المؤمنين - عليه السلام -، فقال له الخارجي: والله ما حكمت بالسوية، ولا عدلت في القضية، وما قضيتك عند الله بمرضية، فقال له أمير المؤمنين - عليه السلام - وأومأ (بيده) (1) إليه: اخسأ عدو الله، فاستحال كلبا أسود.
فقال من حضر: فوالله لقد رأينا ثيابه تطاير عنه في الهواء، وجعل يبصبص لأمير المؤمنين، ودمعت عيناه في وجهه، ورأينا أمير المؤمنين - عليه السلام - وقد رق له فلحظ السماء، وحرك شفتيه بكلام لم نسمعه، فوالله لقد رأيناه وقد عاد إلى حال الانسانية، وتراجعت ثيابه من الهواء حتى سقطت على كتفيه، فرأيناه وقد خرج من المسجد وإن رجليه لتضطربان.
فبهتنا ننظر إلى أمير المؤمنين، فقال لنا: مالكم تنظرون وتعجبون؟
فقلنا: يا أمير المؤمنين كيف لا نتعجب وقد صنعت ما صنعت.
فقال: أما تعلمون أن آصف بن برخيا وصي سليمان بن داود - عليه السلام - قد صنع ما هو قريب من هذا الامر، فقص الله جل اسمه قصته حيث يقول: {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر} الآية (2).
فأيما أكرم على الله نبيكم أم سليمان؟ فقالوا: بل نبينا أكرم يا أمير المؤمنين. قال: فوصي نبيكم أكرم من وصي سليمان، وإنما كان عند