وتفاصلت أجزائي، واحتملتني الرياح تذروني حتى لا يرى لشئ مني عين ولا أثر، يفعل الله ذلك بي حتى يكون أكبر جزء مني دون عشر عشير خردلة، فلما سمعوا ذلك من هبل ضجوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقالوا: قد انقطع الرجاء عمن سواك، فأغثنا وادع الله لأصحابنا فإنهم لا يعودون إلى ذلك.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: شفاؤهم يأتيهم من حيث أتاهم داؤهم، عشرون علي وعشرة على علي، فجاؤوا بعشرين فأقاموهم بين يديه، وبعشرة أقاموهم بين يدي علي - عليه السلام -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله - للعشرين: غمضوا (1) أعينكم وقولوا: اللهم بجاه من بجاهه ابتليتنا (2) فعافنا بمحمد وعلي والطيبين من آلهما، وكذلك قال علي للعشرة الذين بين يديه، فقالوها فقاموا: فكأنما أنشطوا (3) من عقال ما بأحد منهم نكبة (4) وهو أصح مما كان قبل أن يصيب ما أصيب، فآمن الثلاثون وبعض أهليهم، وغلب الشقاء على أكثر الباقين.
أما الأنباء بما كانوا يأكلون، وما يدخرون في بيوتهم فإن رسول الله - صلى الله عليه وآله - لما برؤا فقال لهم: آمنوا. فقالوا: آمنا.
فقال: ألا أزيدكم بصيرة؟ قالوا: بلى. قال: أخبركم بما تغذي به هؤلاء وتداووا. [فقالوا: قل يا رسول الله، فقال:] (5) تغدي فلان بكذا، وتداوي فلان بكذا، وبقى عنده كذا، حتى ذكرهم أجمعين.
ثم قال: يا ملائكة ربي احضروني بقايا غدائهم ودوائهم على أطباقهم وسفرهم، فأحضرت الملائكة ذلك، وأنزلت من السماء بقايا طعام أولئك