لما فرغ - يعني أمير المؤمنين - عليه السلام - من حرب النهروان أبصرنا جمجمة نخرة بالية، فقال: هاتوها، فحركها بسوطه، وقال: أخبريني من أنت، (فقيرة أم غنية، شقية أم سعيدة، ملك أم رعية) (1)؟ فقالت بلسان فصيح: [السلام عليك] (2) يا أمير المؤمنين، أنا كنت ظالما، فأنا برويز بن هرمز ملك الملوك، ملكت مشارقها ومغاربها، وسهلها وجبلها، وبرها وبحرها، أنا الذي أخذت ألف مدينة في الدنيا، وقتلت ألف ملك من ملوكها. يا أمير المؤمنين أنا الذي بنيت خمسين مدينة، وفضضت (3) خمسمائة جارية بكر، واشتريت ألف عبد تركي و [ألف] (4) أرمني و [ألف] (5) رومي و [ألف] (6) زنجي، وتزوجت بسبعين (7) من بنات الملوك، وما ملك في الأرض إلا غلبته وظلمت أهله، فلما جاءني ملك الموت قال لي: يا ظالم، يا طاغي، خالفت الحق، فتزلزلت أعضائي، وارتعدت فرائصي، وعرض علي أهل حبسي فإذا هم سبعون ألف من أولاد الملوك قد شقوا من حبسي، فلما رفع ملك الموت روحي سكن أهل الأرض من ظلمي، فأنا معذب في النار أبد الآبدين، فوكل الله بي سبعين ألف (ألف) (8) من الزبانية (9) في يد كل (واحد) (10) منهم مرزبة (11) من نار لو ضربت على جبال أهل الأرض لأحرقت الجبال فتدكدكت، وكلما ضربني الملك بواحدة من تلك المرازب
(٢٢٩)