قد ضوء الله - عز وجل - لك يا أمير المؤمنين عما عمي عنه بصري (1). فقلت:
يا أصحابنا ترون ما أرى؟ فقالوا: لا، قد ضوء الله لك يا أمير المؤمنين عما عمي عنه أبصارنا. فقلت: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لترونه كما أراه، ولتسمعن كلامه كما أسمع، فما لبثنا أن طلع شيخ عظيم الهامة، مديد القامة، له عينان بالطول، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فقلت: من أين أتيت (2) يا لعين؟ قال: من الآثام (3). فقلت: وأين تريد؟
فقال: الآثام (4). فقلت: بئس الشيخ أنت. فقال: لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟
فوالله لأحدثنك بحديث عني، عن الله - عز وجل - ما بيننا ثالث. فقلت: يا لعين عنك، عن الله - عز وجل - ما بينكما ثالث؟! قال: نعم، إنه لما هبطت بخطيئتي إلى السماء الرابعة ناديت إلهي وسيدي ما أحسبك خلقت خلقا من هو أشقى مني. فأوحى الله تبارك وتعالى (إلي) (5): بلى [قد] (6) خلقت من هو أشقى منك، فانطلق إلى مالك يريكه. فانطلقت إلى مالك، [فقلت: السلام يقرء عليك السلام، ويقول: أرني من هو أشقى مني،] (7) فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الاعلى، فخرجت نار سوداء ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا، فقال لها: اهدئي. فهدأت.
ثم انطلق بي (8) إلى الطبق الثاني فخرجت نار هي أشد من تلك سوادا،