صلى الله عليه وآله عام الفتح في رمضان فلما بلغ الكديد أفطر إلى آخر الشهر فقيل: إن من الناس من صام؟ فقال مرتين: أولئك العصاة، فالفطر عند هؤلاء واجب على المسافر، ومن صام لم يجزه.
وقريب منه ذكر ابن المرتضى في تفسيره عن جابر والفراء في معالمه أيضا عن جابر، وروي ذلك في الجمع بين الصحيحين في الحديث الثاني من المتفق عليه.
وفيه لما استوى النبي صلى الله عليه وآله على راحلته دعا بإناء فأراه الناس ثم شربه وشرب الناس، وفي حديث آخر من الجمع بين الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك لما بلغ كراع الغميم وقد تقدم في الباب المتقدم.
فهذه روايات الفريقين ويعضدها قوله تعالى: (فعدة من أيام أخر (1)) ومن أضمر (فأفطر فعدة) من غير دليل، فقد ضل سواء السبيل.
قالوا: الصوم عزيمة في الحضر، والفطر رخصة في السفر، ومتى صحت العزيمة قدمت على الرخصة كالماء والتراب قلنا: لا بل الفطر في السفر عزيمة أيضا ولو سلم أنه رخصة لم يناف الوجوب لاجتماعهما في مادة أكل الميتة بخوف التلف.
قالوا: إذا ارتفع وجوب الصوم لا يلزم منه رفع جوازه لما تقرر في الأصول قلنا: لا بل رفع الوجوب أعم من بقاء الجواز كما في صورة الميتة عند التلف، وقد سلف، والوجوب خاص لا يلزم من ارتفاعه ارتفاع العام الذي أحد أفراده التحريم ولو سلم بقاء الجواز من بحث الأصول فالاستناد في وجوب الفطر إلى ما مضى من المنقول (2).