قال الحميدي في جمعه: لم يذكرها البخاري، وربما حذفها لغرض قصده بل ونقول: كان تدبير حرب صفين معلقا بابن العاص قديما وحديثا فإن معاوية كبت إليه يستنهضه بدم عثمان ويمدحه، فكتب في جوابه يمتنع من ذلك فكتب معاوية يعده بالأموال والولايات، وفي آخر كتابه:
جهلت ولم تعلم محلك عندنا * فأرسلت شيئا من خطاب ولا تدري فثق بالذي عندي لك اليوم آنفا * من العز والاكرام والجاه والقدر فأكتب عهدا ترتضيه مؤكدا * وتشفعه بالبذل مني وبالبر فكتب إليه عمرو:
أبى القلب مني أن أخادع بالمكر * بقتل ابن عفان أجر إلى الكفر وإني لعمرو ذو دهاء وفطنة * وليس أبيع الدين بالربح والوفر فلو كنت ذا رأي وعقل وحيلة * لقلت لهذا الشيخ إن خاض في الأمر تحية منشو جليل مكرم * بخط صحيح ذي بيان على مصر أليس صغير ملك مصر ببيعة * هي العار في الدنيا على العقب من عمرو فإن كنت ذا ميل شديد إلى العلا * وإمرة أهل الدين مثل أبي بكر فإن دواء الليث صعب على الورى * فإن غاب عمرو زيد شر على شر فكتب إليه معاوية بمنشور مصر، فكثر تفكره حتى ذهب نومه، وقال:
تطاول ليلي بالهموم الطوارق * فصافحت من دهري وجوه البوائق وأخدعه؟ والخدع فيه سجية * أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق أم أقعد في بيتي وفي ذاك راحة * لشيخ يخاف الموت في كل شارق فلما أصبح دعا مولاه وردان فشاوره، فقال: إن مع علي آخرة لا دنيا وهي التي تبقى لك، ومع معاوية دنيا لا آخرة، وهي التي لا تبقى على أحد، فاختر أيهما شئت فتبسم عمرو وقال:
يا قاتل الله وردانا وفطنته * لقد أصاب الذي في القلب وردان لما تعرضت الدنيا عرضت لها * بحرص نفسي وفي الأطماع ارهان