فدفنه، فضربه عثمان أربعين سوطا ذكر ذلك ابن طاهر في لطائف المعارف، وقد كان عثمان نفاه إلى الشام، فكان يخطئ معاوية في الأحكام، ويتحسر على الاسلام وكان عثمان الذي نصب معاوية مع علمه عدم استحقاقه، فولاه بغضا لمن جعله الله مولاه، فبعث إلى عثمان يشكوه فبعث إليه أن يحمله إليه مهانا فحمله على قتب حتى سقط لحم فخذيه.
فروى الواقدي أنه لما دخل على عثمان قال له: لا أنعم الله بك عيشا يا جندب أنت الذي تزعم إنا نقول: (يد الله مغلولة وأن الله فقير ونحن أغنياء) فقال: لو كنتم لا تزعمون ذلك لأنفقتم مال الله على عباده، أشهد لقد سمعت رسول الله يقول:
إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثون رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دخلا.
فقال للجماعة: هل سمعتم هذا من النبي؟ فقال علي والحاضرون: نعم سمعناه يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر.
فنفاه إلى ربذة وقال لعلي عليه السلام: بفيك التراب فقال علي: بل بفيك التراب وسيكون، قال جماعة: فلقد رأينا عثمان مقتولا وبفيه التراب.
وروى الواقدي أن النبي صلى الله عليه وآله رآه نائما في المسجد فقال: كيف تصنع إذا أخرجوك منه؟ قلت: ألحق بالشام، قال: فإذا أخرجوك منها قلت: أرجع إلى المسجد قال: فإذا أخرجوك منه قلت: أضرب بسيفي، قال: هل أدلك على خير من ذلك؟ انسق معهم حيث ساقوك، وتسمع وتطيع، فسمعت وأطعت فهذه الروايات ترد قول القاضي: أنه خرج باختياره.
ومنها: أنه ضرب عمارا حتى أحدث به فتقا، ولما قتل قال عمار: قتلنا كافرا فأين مسعود وعمار مع كونهما صدرين عظيمين كانا لعثمان في حياته وبعد موته مكفرين، وباقي الصحابة لم يدفعوا القتل عنه، حيث علموا موجبه، وترك بغير غسل ولا كفن ملقى على المزبلة ثلاثا وأمير المؤمنين عليه السلام الذي هو مع الحق والحق معه، لم ينه عن ذلك فدل على تكفيره لأن الفاسق لا يجوز التخلف عن دفنه مع