فعلام تحاربنا؟ وإن كان الرازي يزعم أن النبي صلى الله عليه وآله أيضا لا يريد إيمانهم قويت بذلك حجتهم حيث تبعوا الإرادتين.
ولقد كان الجاحدون أقل كفرا من اعتقاد المجبرة فإنهم لم يعرفوه فنسبوا إليه من الشر والقبايح والفساد ما لا نسبته المجبرة، ولما أعجب الرازي علمه تحدى به العلماء، فبلغ زاهد ذلك فقال: إنه لا يعرف الله، فجاء إليه وقال: من أين عرفت أني لا أعرف الله؟ فقال: لو عرفته حق معرفته شغلتك خدمته ومراقبته عن الدنيا الفانية التي تعبدها، فانقطع الرازي، ومن وقف على وصيته، عرف أن ما صنفه لم يكسب منه دينا، ولا حصل منه يقينا، بل كان في سيره ليلا ونهارا كالحمار يحمل أسفارا.
وذكر الغزالي في الإحياء وفي منهاج العابدين أنه لا يجري في الملك طرفة عين، ولا لفتة خاطر، ولا فلتة ناظر، إلا بقضاء الله وإرادته ومشيئته من الخير و الشر والنفع والضر، والطاعة والعصيان، والكفر والإيمان، ومن تصفح الكتابين، وجد الحث على استعمال الزهد [وهو] يوجب قدرة العبد كما هو مقتضى العقد وقد صرح في العارض الثاني من الباب الرابع في منهاج العابدين أن الصحيح عند علمائه أن كون العبد مختارا لا يقدح في تفويضه.
فصل اشتهر في الحديث: القدرية مجوس هذه الأمة فقالوا: هم أنتم لأنكم جعلتم لكم قدرة على الفعل قلنا: ليس من أثبت القدرة للعبد، قدريا إنما هو (قدري) بضم القاف بل أنتم القدرية بدليل اللغة والمعنى والأثر:
أما اللغة فالاسم إنما يشتق لمن أثبت الشئ لا لمن نفاه، كما أن الموحد من أثبت الوحدة والمجسم من أثبت الجسم فالقدري من أثبت القدر، ولو اشتق اسم المعنى لمن نفاه صدق على المنزهين لله أنهم ثنوية ومجسمة إلى غير ذلك من