قالوا: لو قدموا عليا لارتد أكثر الناس لما علموا منه من شدة البأس، و للحقد المركوز في صدورهم بقتله لأقاربهم قلنا: إذا كان علي سياف ربه وسيف رسوله، فأي وصمة في فعله، وهذا قدح فيهم إذ لم يرضوا من الله بحكمه وقد أنزل فيه ﴿فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم﴾ (١).
على أن ما ذكروه من إمكان الارتداد ظن يمكن وقوعه وعدمه، ﴿وإن الظن لا يغني من الحق شيئا﴾ (2) مع أن الارتداد وقع بما فعلوا كما في حديث الحوض وغيره (فأقول: سحقا لمن غير بعدي).
إن قالوا: هم قليلون والأكثر على الاستقامة، ولا تقدم مصلحة الخاصة على العامة قلنا: بل الأكثر منحرف عن الاستقامة، ومن نظر في القرون الماضية والأمم الخالفة علم ذلك، على أن الله علم كفر الأكثر عند إرسال الأنبياء، فلم يكن ذلك صارفا له عن بعثهم فكذلك القول في إمامة علي لولا بغيهم، ومن الذي يقطع بالارتداد عنه قيامه، ولم لا يكون علم العوام بشدة البأس، يذهب الاختلاف، و هذا فظاهر بغير التباس.
قال شاعر:
لو سلموا لولاة الأمر أمرهم * ما سل بينهما في الناس سيفان فصل ثم احتجوا بسكوت علي وغيره عند النص على عمر، وبدفن أبي بكر في الحجرة، وقد كانت مقفولة ففتحت من غير فتح، وسمع فيها صوت: أدخلوا الحبيب على الحبيب.