فأضلونا السبيل ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم (1)) ولو عرفوا أن الله أضلهم فلمن كانوا يطلبون العذاب واللعن (وقالوا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الإنس والجن نجعلهما تحت أقدامنا (2)) فإن علموا يوم كشف الأسرار وعلم الأشياء بالاضطرار أن الله أضلهم، فلمن يجعلون تحت أقدامهم؟ ومن أكبر المكابرات أن منهم من ينكر الشرك في القيامة كما حكاه الله عنهم في قوله: (والله ربنا ما كنا مشركين (3)) فلو علموا أن شركهم منه لكانت إضافته إليه أقطع وأولى، من كذبهم على أنفسهم، حتى يعجب الله منهم في قوله: (انظر كيف كذبوا على أنفسهم (4)) ولو كان هو أضلهم وألجأهم إلى إنكار الشرك لم يتعجب منهم.
قالوا: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون قلنا: فيها إضافة فعلهم إليهم، وإلا ارتفع السؤال، إذ لا يسألون عما يفعل فصل يقال لهم: أراد الله كفر الكافر، فإن أردتموه كفرتم، وإن أردتم إيمانه فإن كان ما أراد الله خيرا له كفرتم، وإن قلتم: ما أردنا خير فأنتم أحق بالمدح منه.
وأيضا يلزم كون إبليس يوافق إرادة الله والنبي يخالفها، وإذا أراد كفره وأمره بالإيمان، فإن كان الأولى بالوقوع الكفر كان أولى من الإيمان، وإن كان الإيمان أولى كان الأمر بما فيه تعجيزه عندكم أولى بالوقوع.
قال الجاحظ لأبي عبد الله الجدي: هل أمر الله المشرك بالإيمان؟ قال:
إي والله، قال: فهل أراد منه؟ قال: لا والله، قال: فيعذبه عليه؟ قال: إي والله قال: فهل هذا حسن؟ قال: لا والله.
قال عدلي لمجبر: ما تقول فيمن قال: كلما كان في زمن النبي وصحابته من