ثبت التزويج لو ادعت المرأة الطلاق لم تثبت إلا ببينة، وبدونها تكون كالمعلقة و كذا لو ادعاه الزوج، لم يخلص من لوازم النكاح إلا ببينة، فلهذا صار الإشهاد شرطا في الطلاق، بخلاف النكاح لملك المرأة بضعها، ولا منازع لها، فإذا تراضيا على وجه شرعي تم الأمر، ولم يحتج إلى الأشهاد وفاقا.
على أنا لا نثبت شرطية الإشهاد هنا بمجرد الأمر به لورود الأمر بالندب وغيره، بل نثبت بالأخبار الصحيحة عن أئمة الاسلام أهل البيت عليهم السلام وبها أيضا أثبتنا عدم شرطية النكاح به، وقد وافق بعضهم على أنهما إذا تواصيا بالكتمان صح بلا شهود، وقد جاء النكاح في مواضع من الكتاب عاريا عن ذكر الشهود.
قالوا: جاء بالسنة (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل). قلنا: على تقدير صحته محمول على نفي الكمالية كلا صدقة وذو رحم محتاج، وبه يسقط الاحتجاج ويترك اللجاج، وقد خالف مالك ذلك وقد أضاف الله النكاح إليهن في قوله: (فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن (1)) (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن حتى تنكح زوجا غيره (2)).
ومنها: نجاسة المشرك يدل عليها قوله تعالى: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام (3)) فقد أجراهم الله مجرى القذر، وقد جاء من طرق المخالف ما رواه ابن المرتضى والزمخشري عن الحسن: من صافح مشركا فليتوضأ وحكى الفراء في المعالم عن الضحاك وأبي عبيدة أنه قدري، وحكى ابن المرتضى و الزمخشري في تفسيرهما عن ابن عباس أن أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير، و لفظة (نجس) حقيقة شرعية في نجاسة العين، فلا يعدل عنها مع إمكانها سوى ذي مين