الصراط المستقيم - علي بن يونس العاملي - ج ٣ - الصفحة ٢٤١
(1) فصل فمن فقهاء الجمهور ورواتهم عبد الله بن عمر، قعد عن بيعة علي ونصرته، و تمسك بيزيد وبيعته، ففي الحديث الحادي والثمانين من الجمع بين الصحيحين لما خلع أهل المدينة يزيد، جمع أهله وحشمه، وقال: سمعنا النبي صلى الله عليه وآله يقول:
ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة، وإني لا أعلم أغدر ممن بايع رجلا ثم نصب له القتال.
وفي الحديث الخامس والخمسين منه أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه، وفي الحديث الخامس والستين بعد المائة من المتفق عليه لما سمعت عائشة عنه أن الميت ليعذب ببكاء الحي فقالت: نسي أو أخطأ (1) إنما قال النبي صلى الله عليه وآله في

(1) قال البخاري في صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وآله: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه (ج 1 ص 222 الطبعة التي بهامشها الحاشية السندي): حدثنا عبدان حدثنا عبد الله أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال: توفيت ابنة لعثمان بمكة وجئنا لنشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس وإني لجالس بينهما...
فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه.
إلى أن قال: قال ابن عباس: فلما أصيب عمر، دخل صهيب يبكي يقول: واأخاه وا صاحباه فقال عمر: يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه؟
قال ابن عباس فلما مات عمر، ذكرت ذلك لعائشة فقالت: رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم الآن (ولا تزروا وازرة وزر أخرى).
وروى في حدويث آخر عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله قالت: إنما مر رسول الله على يهودية يبكى عليها أهلها فقال:
إنهم ليبكون عليها، وإنما لتعذب في قبرها.
وروى البخاري أيضا في باب البكاء عند المريض ج 1 ص 226 من صحيحه عن عبد بن الله عمر في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وزاد بعده: وكان عمر يضرب فيه بالعصا ويرمى بالحجارة ويحثى بالتراب.
قال السيد شرف الدين في النص والاجتهاد ص 174: كانت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض، فكان عمرو ابنه عبد الله يرويان عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وفي رواية ببعض بكاء أهله عليه، وفي ثالثة: ببكاء الحي عليه، وفي رابعة يعذب في قبره بما ينح عليه، وفي خامسة: من يبك عليه يعذب وهذه الروايات كلها خطأ من راويها بحكم العقل والنقل.
أقول: قد أورد قدس سره في ذاك الفصل من كتابه، روايات كثيرة صحيحة في أن النبي صلى الله عليه وآله بكى على حمزة سيد الشهداء، وأنه بكى حين بكت فاطمة ابنته وأنه بكى على جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي.
وروى عن البخاري في صحيحه باب قول النبي إنا بك محزونون من أبواب الجنائز ص 226 ج 1 عن أنس قال: دخلنا عليه صلى الله عليه وآله وإبراهيم - ابنه صلى الله عليه وآله - يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى فقال: إن العين تدمع، و القلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست