فصل * (في حرب صفين) * وفيه نعيب على القاسطين، حيث بغوا على الأنزع البطين، ومن معه من المؤمنين، وهذا عمرو بن العاص شاهرا سيفه، محاربا بصفين إمامه، هاتكا عند حيرته سوءته، حتى قال معاوية من عظمها: أنها تعقب فضيحة الأبد وكذا جرى لبشر ابن أرطاة حين رأى عليا عليه السلام في حملته، فسقط عن فرسه، وكشف عن استه، فقال فيهما شاعر:
أفي كل يوم فارس ذو كريهة * له عورة وسط العجاجة باديه يكف لها عنه علي سنانه * ويضحك منها في الخلاء معاوية فلا تحمدا إلا الحيا وخصاكما * فقد كانتا والله للنفس واقيه فهذا فعل عمرو. وهم له يعدلون، ولدينهم عنه يأخذون، ونحو هذا ذكر سبط الجوزي في كتاب الرجال أن عبد الله بن عمر كان زاهدا عابدا يقاتل يوم صفين بسيفين، وهذا تناقض ظاهر للناظرين، فنعوذ بالله من أهواء المضلين، هذا وقد سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: من بايع إماما وجاء آخر يبايعه فاضربوا عنق الآخر ذكره مسلم في الجزء الرابع من صحيحه، وفيه أيضا عن الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخير، قال رجل لابن عمر: هذا معاوية يأمرنا بأكل أموالنا بيننا بالباطل وبقتل أنفسنا، فسكت ساعة ثم قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله، قلت: ولا طاعة في محاربة أمير المؤمنين، وقد علم أن حربه حرب رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقد ظهرت فيهم علامة البغي بقتل عمار، كما يؤمي إليه حديث النبي المختار قال: يا عمار تقتلك الفئة الباغية، ذكره مسلم في الجزء الخامس من صحيحه وزاد جماعة من الرواة: يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.