فصل رووا أن النبي صلى الله عليه وآله قال: وزنت بأمتي فرجحت، وزنت بالأول فرجح، وبالثاني فرجح، ورجح ورجح، فظلموا النبي وأبا بكر بترجيح عمر عليهما في الفضل، وعلى سائر الأنام ولا خفاء أن الموازنة ليست بالأجسام وإلا لم تقدر على حملهم الأنعام.
وفي الأغاني: سمع الحميري هذا من واعظ، فقال: إنما رجحا بسيئاتهما فإن من سن سنة قبيحة فعليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة.
ورووا أنه نادى سارية وهو بنهاوند: الجبل الجبل، فسمعه فانحاز إلى الجبل قلنا: ولم لا تكون الكرامة لسماع سارية لا لعمر، وقد طعن جماعة منهم في رواة هذا الحديث.
وروى الحاتمي بإسناده أن الثاني والثالث تشاجرا في علي عليه السلام فقال الثاني أتذكر يوما قال فيه ابن أبي كبشه: لولا أني أخاف أن يقال فيك ما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك مقالا لا تمر بملأ إلا أخذوا التراب من تحت قدميك؟ قال نعم، سأريك كذبه آتني بتراب من تحت قدميه، فجاء به فمسح به عينيه فرأى سارية من بعيد فأراد الله تصديق رسوله وإظهار فضل وصيه.
ورووا أنه عليه السلام قال: ما احتبس الوحي عني إلا ظننته نزل على آل الخطاب ولو لم أبعث لبعث عمر بن الخطاب، وما رأيته إلا تخوفت أن ينزع خاتم النبوة من بين كتفي ويوضع بين كتفيه.
قلنا: في هذه الروايات ما لا يخفى من المحالات والشناعات إذ في الأول الشك في نبوته، وهو مناف لقوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح (1)) والثاني يوجب كون النبي صلى الله عليه وآله أثقل الناس على عمر، لأنه ولو لم يبعث لبعث وفي الثالث تجويز عزل النبي صلى الله عليه وآله عن نبوته، وهل يجوز نقل النبوة