قالوا: قال العباس لعلي: اذهب حتى نسأل النبي عن هذا الأمر أهو فينا أم في غيرنا؟ وهذا دليل عدم النص قلنا: لا بل علم النص وأراد بالسؤال هل هو لهم أم يغصبون عليه؟ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله: إنكم المقهورون المظلومون، ولو كان السؤال: هل يستحقونه أم لا لم يكن للجواب بالقهر والظلم معنى، والنبي جليل عن هذه الوصمة، وبالله العون والعصمة.
على أنه يجوز أن يكتم النص عن بعض أهله خوفا عليهم من رده، ولهذا أن مؤمن الطاق لما دعاه زيد للخروج معه، فأبى فقال: أبي يخبرك بالدين ولم يخبرني؟
قال مؤمن الطاق: خاف عليك إن أخبرك لم تقبل، فتدخل النار، ولم يبال بي نجوت أم دخلت النار.
وقد أوصى يعقوب يوسف أن لا يقص رؤياه على إخوته خوفا من كيدهم.
ومنها: أن عليا لم يرد فدكا على وارث فاطمة عند مصير الأمر إليه، و فيه دليل على نفي ظلم المتقدم عليه، قلنا: أما استحقاقها فلا شك فيه، وقد ذكرنا طرفا جيدا من هذه الواقعة ففي باب المطاعن، وقد جمع المأمون مائتي رجل من أهل الحجاز والعراق من أهل الفقه وسألهم عنها فرووا أحاديث فيها، وأن عليا و أسماء وأم أيمن شهدوا لها عند أبي بكر، فكتب لها صحيفة بها، وأن عمر محاها فسألهم عن فاطمة فأخبروه بقول أبيها فيها: يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها وسألهم عن فضائل بعلها فأوردوا جملة منها، فسألهم عن أسماء وأم أيمن ما حالهما؟
فقالوا: شهد النبي صلى الله عليه وآله بالجنة لهما، فقال: إن الطعن على هؤلاء طعن على كتاب الله، وقال: قد نادى علي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان له عدة أو دين فليحضر فحضر جماعة فأعطاهم بغير بينة، وأبو بكر نادى بذلك فادعى جرير بن عبد الله فإعطاء بغير بينة، وادعى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله وعده أن يحثو له من مال البحرين ثلاثا فأعطاه أبو بكر بغير بينة، أما كانت فاطمة وشهودها يجرون مجرى هؤلاء؟ ثم جعلها المأمون في يد محمد بن يحيى بن الحسين بن زين العابدين.
وقد ذكر هذه القصة صاحب الشافي مروية عن محمد بن زكريا الغلابي عن