قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة، فعظم ذلك علي، فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة، فأتيت مسجد البصرة، فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد، وعليه شملة سوداء متزرا بها من صوف، وشملة مرتديا بها والناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي، ثم قلت:
أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألك عين؟ فقال:
يا بني أي شيء هذا من السؤال؟ وشئ تراه كيف تسأل عنه؟ فقلت هكذا مسألتي، فقال:
يا بني سل وإن كانت مسألتك حمقاء، قلت: أجبني فيها، قال لي: سل.
قلت: ألك عين؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: أرى بها الألوان والأشخاص، قلت: فلك أنف؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أشم به الرائحة، قلت: ألك فم؟ قال:
نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم، قلت: فلك أذن؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الصوت، قلت ألك قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس، قلت: أوليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
____________________
قوله: (ألك قلب؟).
المراد بالقلب القوة العقلية التي للنفس الإنسانية، أو ما يشمل القوى الحسية الباطنة التي هي كالآلات للقوة العقلية في فكرتها وسائر تصرفاتها.
وقوله: (كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس) أي الجوارح الحاملة للقوى الحسية الظاهرة والحواس التي فيها.
المراد بالقلب القوة العقلية التي للنفس الإنسانية، أو ما يشمل القوى الحسية الباطنة التي هي كالآلات للقوة العقلية في فكرتها وسائر تصرفاتها.
وقوله: (كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس) أي الجوارح الحاملة للقوى الحسية الظاهرة والحواس التي فيها.