الحاشية على أصول الكافي - رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني - الصفحة ٤٥٤
5. علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن شباب الصيرفي - واسمه محمد بن الوليد - عن علي بن سيف بن عميرة، قال: حدثني إسماعيل بن قتيبة، قال: دخلت أنا وعيسى شلقان على أبي عبد الله (عليه السلام)، فابتدأنا، فقال: " عجبا لأقوام يدعون على أمير المؤمنين (عليه السلام) ما لم يتكلم به قط، خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس بالكوفة، فقال: الحمد لله الملهم عباده حمده، وفاطرهم على معرفة ربوبيته، الدال على وجوده بخلقه، وبحدوث خلقه على أزله، وباشتباههم على أن لا شبه له، المستشهد بآياته على قدرته، الممتنعة من الصفات ذاته،
____________________
لا معلوم) لعلمه بالأشياء لذاته لا لحضورها بوجوداتها العينية، وسميعا عالما بالمسموعات شهيدا لها بذاته وإن لم يحضر المسموع بوجوده العيني.
وقوله: (عجبا لأقوام يدعون على أمير المؤمنين (عليه السلام)) أي يدعون افتراء على أمير المؤمنين (عليه السلام) من المذاهب والآراء الباطلة في التوحيد (ما لم يقل به قط).
قوله: (الحمد لله الملهم عباده حمده) أي حمدهم له سبحانه والثناء عليه بما يليق بجبروته، ووصفه بما يصح وصفه به وإن لم يدرك حقيقة صفته إنما هو بإلهام منه سبحانه أن يحمدوه به، وهذا نعمة منه سبحانه يوجب الحمد، فله الحمد عليه، وكذا فطرتهم التي فطرهم عليها بإقدارهم على المعرفة؛ واطلاعهم عليها بالعلم بالمقدمات الدالة عليه بالفعل، أو بالقوة القريبة منه، وهو الذي دلهم على وجوده بخلقه، فوجود خلقه دال على وجود المبدأ الفاعل للخلق؛ لإمكان الخلق واحتياجهم إلى الفاعل الموجود المؤثر فيهم.
وعلى أزله وقدمه بحدوث خلقه ومسبوقية جملتهم بالمبدأ كمسبوقية كل واحد؛ فإن حكم الجملة وكل واحد في المسبوقية بالمبدأ الفاعلي الخارج منه واحد لا يختلف، فيجب أن يكون للخلق بجملتهم مبدأ فاعلي، واجب الوجود بذاته، غير مسبوق بغيره ولا بالعدم، بخلاف الممكن وهو المراد بأزليته، فحدوث خلقه دال على أزله وقدمه الذاتي.
(وباشتباههم) ومشابهة بعضهم لبعض بصور متقاربة وكيفيات متناسبة أو حقيقة مشتركة (على أن لا شبه له) من خلقه؛ لاستحالة ما يجوز على خلقه من صور، أو
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»
الفهرست