____________________
والعلم عبارة عن مناط الانكشاف، والانكشاف عبارة عن ظهور الشيء على العالم ظهورا هو وجوده العلمي وحصوله الإنكشافي، فيكون العلم ذاته كما هو المصرح به في الحديث السابق، ويكون جميع الأشياء منكشفا عليه بمناطية ذاته لهذا الانكشاف، فالأشياء بوجوداتها العلمية - أعني بكونها منكشفة له سبحانه بذاته لا بمدخلية أمر آخر - حاصلة في علمه، محاطة به قبل كونها ووجودها عينا، كما هي منكشفة حاصلة في علمه بعد كونها.
ثم لا ريب في أن كل منكشف، له نحو من الحصول، ولا أقل من انكشافه على العالم وحصوله له وفي علمه، ويقال له: الوجود الظلي والمثالي والحصول العلمي للعالم وهو عن الوجود العيني بمعزل، ويقال للموجود بذلك الوجود الحاصل للعالم وفي علمه: صورة وشبحا وظلا ومثالا (1)، وعند تغاير العلم والعالم - وهو فيما لا يكون ذاته بذاته مناطا للانكشاف - يكون العلم لا محالة حاصلا للعالم وفيه؛ لناعتيته له.
وأما الوجود المثالي الذي للمعلوم عند العالم - وهو انكشافه للعالم - فهو للعالم ومحاط بعلمه، فالمثال بحسبه حاصل للعالم وفي علمه، وعند اتحاد العلم والعالم - وهو فيما ذاته بذاته مناط للانكشاف - ليس إلا الاتحاد، ولا مجال لحصول العلم للعالم وفيه.
وأما الوجود الإنكشافي للمعلوم الذي لا ينفك عن العلم، فهو للعالم بما هو عالم به وهو حاضر له وفيه بما هو عالم به ومحيط به إحاطة علمية، ولا يفارق له وفيه أحدهما عن الآخر هاهنا، ولا يستدعي مناطية ذاته للانكشاف المستتبع للمنكشف بوجوده المثالي كثرة مثالية حاصلة لذاته في مرتبة ذاته غير متأخرة عنه، ولا كثرة ظلية حاصلة في ذاته إلا حصول المحاط في الإحاطة العلمية في المحيط.
ثم لا ريب في أن كل منكشف، له نحو من الحصول، ولا أقل من انكشافه على العالم وحصوله له وفي علمه، ويقال له: الوجود الظلي والمثالي والحصول العلمي للعالم وهو عن الوجود العيني بمعزل، ويقال للموجود بذلك الوجود الحاصل للعالم وفي علمه: صورة وشبحا وظلا ومثالا (1)، وعند تغاير العلم والعالم - وهو فيما لا يكون ذاته بذاته مناطا للانكشاف - يكون العلم لا محالة حاصلا للعالم وفيه؛ لناعتيته له.
وأما الوجود المثالي الذي للمعلوم عند العالم - وهو انكشافه للعالم - فهو للعالم ومحاط بعلمه، فالمثال بحسبه حاصل للعالم وفي علمه، وعند اتحاد العلم والعالم - وهو فيما ذاته بذاته مناط للانكشاف - ليس إلا الاتحاد، ولا مجال لحصول العلم للعالم وفيه.
وأما الوجود الإنكشافي للمعلوم الذي لا ينفك عن العلم، فهو للعالم بما هو عالم به وهو حاضر له وفيه بما هو عالم به ومحيط به إحاطة علمية، ولا يفارق له وفيه أحدهما عن الآخر هاهنا، ولا يستدعي مناطية ذاته للانكشاف المستتبع للمنكشف بوجوده المثالي كثرة مثالية حاصلة لذاته في مرتبة ذاته غير متأخرة عنه، ولا كثرة ظلية حاصلة في ذاته إلا حصول المحاط في الإحاطة العلمية في المحيط.