الحاشية على أصول الكافي - رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني - الصفحة ٢٧٨
إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلة ".
قال له السائل: فله إنية ومائية؟ قال: " نعم، لا يثبت الشيء إلا بانية ومائية ".
____________________
محكوما عليه، فيكون موجودا في الذهن محاطا به.
والجواب أنه لا يلزم تحديده وكون حقيقته حاصلة في الذهن، أو محددة بصفة؛ فإن الحكم لا يستدعي حصول الحقيقة في الذهن، والوجود ليس من الصفات المغايرة التي تحد بها الأشياء. وأشار إليه بقوله (عليه السلام): (لم أحده ولكني أثبته (1) إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلة) فلما انتفى النفي ثبت الثبوت.
ثم (قال له السائل: فله إنية ومائية) أي وجود منتزع، وحقيقة ينتزع منها الوجود، فأجاب (وقال: نعم، و (2) لا يثبت الشيء) أي لا يكون موجودا إلا بإنية ومائية، أي مع وجود وحقيقة ينتزع الوجود منها.
وينبغي أن يعلم أن الوجود يطلق على المنتزع المخلوط بالحقيقة العينية عينا، وعلى مصحح الانتزاع، والمنتزع غير الحقيقة في كل موجود، والمصحح في الأول تعالى حقيقته العينية وإن دلنا عليه غيره، والمصحح في غيره مغاير للحقيقة والمهية، فالمعنى الأول مشترك بين الموجودات كلها، والمعنى الثاني في الواجب عين الحقيقة الواجبية.
ولعل المراد هنا المعنى الأول؛ لإشعار السؤال بالمغايرة وكذا الجواب بقوله: " لا يثبت (3) الشيء إلا بإنية ومائية " حيث جعل الكل مشتركا فيه، والمشترك فيه إنية مغايرة للمائية (4).

1. في حاشية " ت ": في قوله: " ولكني أثبته " إشعار إلى أن الثبوت محمول مرتبط بنفسه إلى الموضوع، لا بثبوت آخر رابط للمحمول إلى الموضوع ردا على السائل فيما كان كلامه مشعرا به من ارتباط الوجود والثبوت بثبوت آخر (منه مد ظله العالي).
2. في " خ، ل " والكافي المطبوع: - " و ".
3. في " خ، ل، م ": " ولا يثبت ".
4. في حاشية " ت، م ": وهاهنا نكتة ينبغي التنبيه لها، وهي أن الموجودية بمصحح الانتزاع، لا بالمنتزع، لكن الإثبات والحكم لصحة الانتزاع إنما يتم بملاحظة المنتزع، فلا يلزم من زيادة المنتزع تحديده به، كما قال (عليه السلام): " لم أحده ولكني أثبته " أي بملاحظة المنتزع حكمت بأنه ليس بمنتف، فيكون ثابتا إذ لا منزلة بينهما. وفي الحديث إشعار بكون الثبوت وجودا باشتراك معنى الإنية والوجود بين الأشياء، كما هو التحقيق (منه رحمه الله تعالى).
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست