____________________
أقول: هذا الدليل والأدلة التي ستذكر في الأحاديث الآتية كلها مبنية على مقدمات مرتكزة في العقول السليمة، لا يشك فيها إلا عند الاشتباه الناشئ من ورود الشبه التي لا يقدر على حلها؛ للعجز عن التفصيل والتبيين اللذين بهما يتبين انحلالها، ولم يتوجه (عليه السلام) إلى بيانها؛ حيث لم يتوقف المخاطب في التصديق للشك فيها، ولقد وقع الاحتياج إليها في زماننا؛ لشيوع الشبه وكثرة ذكرها بين المتأخرين، وكثر نفع بيان تلك المقدمات للطالبين، فرأيت أن أوردها لينتفع بها في إثبات البارئ الأول:
المقدمة الأولى: أن ما يخرج من العدم إلى الوجود لا يمكن أن يخرج بنفسه، بل يحتاج إلى موجد موجود مباين له؛ لأن ما لا يكون موجودا فيصير موجودا لا يمكن أن يصير موجودا ويحصل له الوجود إلا بمحصل لوجوده، وسبب لاتصافه به، ولا يجوز أن يكون ذلك المحصل للوجود مهيته الخالية عن الوجود؛ لأن إعطاء الوجود وتحصيله من غير الموجود لا يتصور، فلا بد أن يكون الموجد له، والعلة المطلقة لوجوده موجودا مباينا له.
وقد استعملها (1) أبو عبد الله (عليه السلام)، كما رواه الصدوق ابن بابويه بإسناده عن هشام بن الحكم أنه قال أبو شاكر الديصاني لأبي عبد الله (عليه السلام): ما الدليل على أن لك صانعا؟
فقال: " وجدت نفسي لا يخلو (2) من إحدى جهتين: إما أن أكون صنعتها أنا، فلا أخلو من أحد معنيين: إما أن أكون صنعتها وكانت موجودة، أو صنعتها وكانت معدومة، فإن كنت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنيت بوجودها (3) عن صنعتها، وإن كانت معدومة فإنك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئا؛ فقد ثبت المعنى الثالث أن لي صانعا
المقدمة الأولى: أن ما يخرج من العدم إلى الوجود لا يمكن أن يخرج بنفسه، بل يحتاج إلى موجد موجود مباين له؛ لأن ما لا يكون موجودا فيصير موجودا لا يمكن أن يصير موجودا ويحصل له الوجود إلا بمحصل لوجوده، وسبب لاتصافه به، ولا يجوز أن يكون ذلك المحصل للوجود مهيته الخالية عن الوجود؛ لأن إعطاء الوجود وتحصيله من غير الموجود لا يتصور، فلا بد أن يكون الموجد له، والعلة المطلقة لوجوده موجودا مباينا له.
وقد استعملها (1) أبو عبد الله (عليه السلام)، كما رواه الصدوق ابن بابويه بإسناده عن هشام بن الحكم أنه قال أبو شاكر الديصاني لأبي عبد الله (عليه السلام): ما الدليل على أن لك صانعا؟
فقال: " وجدت نفسي لا يخلو (2) من إحدى جهتين: إما أن أكون صنعتها أنا، فلا أخلو من أحد معنيين: إما أن أكون صنعتها وكانت موجودة، أو صنعتها وكانت معدومة، فإن كنت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنيت بوجودها (3) عن صنعتها، وإن كانت معدومة فإنك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئا؛ فقد ثبت المعنى الثالث أن لي صانعا