الوسطى ثم الحاصل في الثلاثة الأخيرة حصل سبعة وعشرون نوعا متفاوت المراتب والدرجات ويندرج تحت كل نوع أشخاص وجزئيات غير محصورة والله ولى التوفيق، وقد أشار (عليه السلام) إلى بعض آثار الزهد ولوازمه بقوله (أثبت الله الحكمة في قلبه) حتى يصير قلبه نورا إلهيا وضوءا ربانيا ينقطع عن التعلقات الناسوتية لمشاهدة جمال إسرار الغيبية اللاهوتية.
(وانطق بها لسانه) حتى يقول الحق ويشرد إليه ويصمت عن الباطل ويخوف عليه.
(وبصرة عيوب الدنيا داءها ودواءها) أما عيوبها فهي إنها دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة وبالفناء موصوفة لا تدوم أحوالها ولا يسلم من الآفات نزالها أحوالها مختلفة وأوضاعها متبدلة ونعمها منصرمة، العيش فيها مذموم والأمان فيها معدوم والطالب لها مغموم وأهلها إعراض مستهدفة ترميم بسهامها وتفنيهم بحمامها، وأما داؤها فهو الغفلة عن الحضرة الربوبية والاستحقاق للعقوبة الدنيوية والأخروية، وأما دواؤها فهو تنزيه النفس عن الميل إلى زهراتها والرغبة في قنياتها والعبرة بأحوال الماضين والإتعاظ بأوضاع السابقين حيث كانوا أطول أعمارا وأعمر ديارا وأبعد آثارا وأشد قوة وأكثر أعوانا فقد صارت أصواتهم هامدة ورياحهم راكدة وأجسادهم بالية وديارهم خالية وآثارهم عافيه فإستبدلوا بالقصور المشيدة والنمارق الممهدة الصخور والأحجار المسندة والقبور اللاصقة اللاطئة والعجب إن المؤمن يعلم أن الأمراض الروحانية ليست بأهون من الأمراض الجسدانية وهو يسعى في دفع هذه الأمراض بقدر الإمكان ويغفل عن دفع الأولى ويضعها في زاوية النسيان، ومن الله التوفيق والتكلان. (وأخرجه من الدنيا سالما) (1)